المقالاتمقالات تاريخية

كلمة حول نهاية قتيبة بن مسلم

كلمة حول نهاية قتيبة بن مسلم

بقلم/ د. زين العابدين كامل

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : “مَن كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ”

وقد ذكرنا في عدة مقالات كيف أن الله تعالى وفق قتيبة بن مسلم رحمه الله وأتم على يديه فتوحات كثيرة، ونشر الله على يديه الإسلام، حتى قال عنه  ابن كثير: “إنه ما انكسرت له راية وكان من المجاهدين في سبيل الله واجتمع له من العسكر مالم يجتمع لغيرهط”، ولكن كيف انتهت حياة ذلك المجاهد البطل؟

انتهت حياة هذا البطل المجاهد الكبير نهاية حزينة مؤلمة لا تليق به، فقد مات الخليفة الوليد وتولى أخوه سليمان بن عبد الملك 96 – 99هـ وكانت العلاقة بين سليمان والحجاج ورجاله، ومنهم قتيبة غير حسنة، قيل لأنهم كانوا وافقوا الوليد على خلع أخيه سليمان، وتولية ابنه عبد العزيز بن الوليد،   فخشي قتيبة أن يعزله سليمان، فأرسل إليه رسائل يعزيه في الوليد ويهنئه بالخلافة، ويختبر نواياه نحوه، لكن سليمان لم يعزله، بل أرسل له عهداً بولاية خراسان  مع رسول خاص من عنده تكريماً له، ولكن قتيبة تعجل وخلع طاعة سليمان قبل وصول ذلك العهد، فغضب الناس واستنكروا خلع سليمان وثار الجند على قتيبه فقتلوه، يقول الذهبي: ولما بلغه موت الوليد، نزع الطاعة، فاختلف عليه جيشه، وقام عليه رئيس تميم وكيع بن حسَّان،وألَّب عليه، ثم شَدَّ عليه في عشرة في فرسان تميم فقتلوه في ذي الحجة سنة ستِّ وتسعين، وعاش ثمانياً وأربعين سنة.

قال ابن كثير في سبب مقتل قتيبة بن مسلم: وذلك أنَّه جمع الجند والجيوش، وعزم على خلع سليمان وترك طاعته وذكر لهم همّته وفتوحه وعدله فيهم ودفعه الأموال الجزيلة إليهم، فلما فرغ من مقالته، لم يجبه أحد منهم إلى مقالته، فشرع في تأنيبهم وذمِّهم قبيلة قبيلة وطائفة طائفة، فغضبوا عند ذلك ونفروا عنه وتفرَّقوا، وعملوا على مخالفته وسعوا في مقتله، وكان القائم بأعباء ذلك رجل يقال له: وكيع بن أبي سُود, فجمع له جموعاً كثيرة، ثم ناهضه فلم يزل به حتى قتله في ذى الحجة من هذه السنة، وقتل معه أحد عشر رجلا من إخوته وأبناء إخوته.

ثم قال ابن كثير بعد أن عدد مآثره :ولكن زل زلة كان فيها حتفه، وفعل فعلة رغم فيها أنفه، وخلع الطاعات فبادرت إليه المنية، وفارق الجماعة فمات ميتة جاهلية، لكن سبق له من الأعمال الصالحة ما قد يكفر الله به سيئاته، ويضاعف به حسناته، والله يسامحه ويعفو عنه، ويتقبل منه ما كان يكابده من مناجزة الأعداء، وكانت وفاته بفرغاته من أقصى بلاد خراسان، في ذي الحجة من هذه السنة، وله من العمر ثمان وأربعون سنة،وكانت ولايته على خراسان عشر سنين.

 

راجع : ابن كثير : البداية والنهاية (12/ 613) والذهبي :سير أعلام النبلاء (4/ 410) وابن الثير:الكامل في التاريخ (3/ 238) و عبد الشافي كالعالم الإسلامي في العصر الأموي، ص 303 و الصلابي: الدولة الأموية ( 2/47) نقلاً عن : قتيبة بن مسلم الباهلي، غانم السلطاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى