مقالات تاريخية

فتوحات السند في العصر الأموي

فتح إقليم السند 

 بقلم/ د. زين العابدين كامل                                                                           

بعد أن استقرت الأمور للمسلمين في جنوب فارس واستطاع الحجاج بن يوسف أن يؤدب رتبيل ملك سجستان وأخضعه للسيادة الإسلامية ،بدأ الحجاج يفكر في فتح السند ،وأعد العدة لذلك، حيث كان هو الوالي على العراق والمشرق الإسلامي.

ويُعد انتصار المسلمين في معركة القادسية في عهد عمر بن الخطاب إيذ اناً لهم بفتح السند, فقد استنجد كسرى الفرس ببعض ملوك البلاد المجاورة ومنها مملكة السند حيث أمده ملك السند بالمال والرجال الأمر الذي اضطر المسلمين بمهاجمة السند رداً على تدخلهم ضدهم في معركة  القادسية، فقد كانت هناك حملات إسلامية مبكرة على السند كان أولها في عهد عمر بن الخطاب, وكان ثانيها في عهد علي بن أبي طالب, وكان عثمان بن عفان أيضا مهتمًا بتقصي تحركات السند،لكنه ربما انشغل عنها بسبب التوترات التي حدثت في خلافته.

ثم اهتم معاوية أيضًا بهذا الإقليم وقام المهلب بن أبي صفرة بغزوه عام( 44 هـ) ،وقد ازداد اهتمام المسلمين بإقليم السند عندما أصبح زياد بن أبي سفيان واليًا على البصرة، عام (45هـ) حيث أرسل زياد عدة حملات إلى هذا الإقليم، وكذا اهتم يزيد بن معاوية بإقليم السند، ومن هنا يظهر أن المسلمين قد مهدوا الطريق لفتحه وذلك من خلال إرسال حملات كثيرة منذ عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ولما استقرت الأحوال والأمور في عصر ولاية الحجاج، رأى أنه قد آن الأوان لفتح هذا الإقليم ([2])، لاسيما مع أعمال إجرامية  يقوم القراصنة الهنود، حيث يذكر البلاذري أن البوارج الهندية قد استولت على سفينة كانت تحمل نساءً مسلمات أرسلهن ملك جزيرة الياقوت هدية إلى الحجاج بن يوسف، فنادت امرأة من تلك النسوة وكانت من يربوع: يا حجاج، وبلغ الحجاج ذلك فقال: يا لبيك، فأرسل إلى داهر ملك السند يسأله تخلية النسوة، فقال أخذهن لصوص لا أقدر عليهم، وهنا قد شعر الحجاج بشىء من الإهانة وهو لا يقبل بذلك، ومن ثم ازداد عزم الحجاج على فتح تلك البلاد، واختار لهذه المهمة ابن عمه محمد بن القاسم الثقفي([3]).

وللحديث بقية بمشيئة الله تعالى.

 

[1])) يقع إقليم السند في شمال غرب شبه القارة الهندية، وشرق بلاد فارس الجنوبية، مكونًا دلتا نهر السند، وقيل هو أحد أقاليم باكستان، الحموي : معجم البلدان (3/267).

[2])) البلاذري: فتوح البلدان ص 533 – 534 .

[3])) نشأ محمد بن القاسم في بيت السيادة والقيادة الحربية، فأبوه القاسم أمير على البصرة، وعمه الحجاج والي العراق.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى