مقالات تاريخية

موقع تاريخ المسلمين ينشر مقدمة كتاب الدولة العباسية للدكتور/ زين العابدين كامل

مقدمة كتاب الدولة العباسية: دراسة تاريخية للعالم الإسلامي في العصر العباسي

بسم الله الرحمن الرحيم

إن دراسة التاريخ الإسلامي، والوقوف على أهم محطاته ومعالمه الرئيسية، عبر العصور الإسلامية المختلفة، أصبحت ضرورة علمية ثقافية، لاسيما مع كثرة المستجدات والمتغيرات خلال واقعنا المعاصر.

وكذا من الضروري أيضًا: إعادة صياغة التاريخ الإسلامي، ثم إعادة طرحه وعرضه، بأُسْلُوبِ يتناسب مع المستجدات والمتغيرات المعاصرة والحديثة.

فنحن نحتاج إلى المرويات التاريخية التي رواها ودونها المؤرخون القدامى، فلا استغناء عنها البتة، فهي مصادرنا الأصلية.

 إلا أنه يجب على المتخصصين من المعاصرين أن يقوموا بدور البحث، والنقد، والتحقيق، والتنقيح، والتحليل, والتفسير لتلك المرويات، ولذا فإن المراجع الحديثة هى مكملة للمصادر الأصلية.

وتاريخ أي دولة ينقسم إلى قسمين: تاريخها السياسي، وتاريخها الحضاري، ونحن في أمس الحاجة إلى دراسة التاريخ السياسي للدول التي قامت، ثم انهارت وسقطت، وليس ذلك إهمالًا للقسم الحضاري من التاريخ  أو تقليلًا منه، فنحن نفخر بحضارة أمتنا الإسلامية، ولكن لكثرة الأحداث السياسية الواقعة في عصرنا، وحتى تكون تلك الدراسات التاريخية السياسية، نبراسًا يهتدي به المسلمون في واقعهم.

وقد وفقني الله تعالى سابقًا، إلى تأليف كتاب بعنوان ( أحداث الفتن السياسية في عصر الخلافة الراشدة والدولة الأموية )، سلطنا فيه الضوء على جميع الأحداث السياسية والثورات والفتن، منذ استشهاد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، حتى سقوط الدولة الأموية.

ثم أتبعنا ذلك بكتاب آخر بعوان: ( الدولة الأُموية في ميزان التاريخ )، سلطنا فيه الضوء على الفتوحات الإسلامية، والإنجازات الحضارية، في عصر الدولة الأموية.

ثم كان من الضروري أن نطوف حول أحوال العالم الإسلامي في العصر العباسي، حيث إن الدولة العباسية قد طال عمرها، وكثرت الأحداث الواقعة خلال عصرها، وفي دراسة تاريخها فوائد ودروس وعبر.

ومن هذا المنطلق؛ وإتمامًا للفائدة، وفقني الله تعالى إلى جمع هذا الكتاب وتأليفه – الدولة العباسية -، وهو عبارة عن دراسة تاريخية للعالم الإسلامي في العصر العباسي.

وخلال هذه الدراسة سلطنا الضوء على الأحداث السياسية التي وقعت خلال العصر العباسي، مع اهتمامنا بالتحليل والتنقيح للمرويات التاريخية، وقد أشرنا في بعض المواطن إلى يسير من الإنجازات الحضارية أيضًا.

ومن المعلوم أن الدولة العباسية كانت مترامية الأطراف، وطغت خلال عصرها عناصر إسلامية غير عربية، كالفرس والترك، ويعتبر هذا الأمر منعطفًا مهمًا في مسيرة تطور الحقب التاريخية، حيث وقع التنافس بين العرب، والفرس، والترك، ولا شك أن الدولة قد تأثرت بما وقع من صراع وتنافس.

هذا ويُعد قيام الأسرة العباسية الجديدة، بعد أسرة بني أُمية، نقطة تحول مهمة في دولة الإسلام، كما سنوضح خلال الدراسة.

إن مسيرة التاريخ السياسي العباسي، مليئة بالتداخل والتشعب والتشابك، وقد اجتهدنا خلال هذه الدراسة، في أن نعرض الصورة التاريخية السياسية للدولة العباسية، في إطار سهلٍ ومُبسطٍ غير معقد.

 وعلى الرغم من كثرة الكتب التي تناولت التاريخ العباسي قديمًا وحديثًا ووفرتها، فإن المكتبة التاريخية العربية، لا زالت تفتقر إلى بعض الدراسات التي تُظهر وتوضح معالم العالم الإسلامي في العصر العباسي، بشمولية وحيادية وإنصاف.

هذا وقد دَرَجَ كثير من المؤرخين على تقسيم التاريخ العباسي إلى أربعة عصور.

العصر العباسي الأول: وهو عصر القوة والازدهار، (132- 232ه/750-847م)، ويضم هذا العصر تسعة خلفاء، أولهم السفاح وآخرهم الواثق.

العصر العباسي الثاني: وهو عصر النفوذ التركي، (232-334هـ/ 847-946م)، ويضم هذا العصر؛ ثلاثة عشر خليفة، أولهم المتوكل، وآخرهم المستكفي، وهو عصر كثرت فيه الدول المستقلة، كما سنوضح خلال الدراسة.

 العصر العباسي الثالث: وهو عصر النفوذ البويهي الفارسي، (334هـ – 447هـ/ 946- 1055م)، وقد ضم هذا العصر أربعة من خلفاء بني العباس، أولهم المطيع، وآخرهم القائم.

العصر العباسي الرابع: وهو عصر النفوذ السلجوقي التركي، (447 – 656 هـ/ 1055 – 1258م)، ويضم هذا العصر أحد عشر خليفة، أولهم المقتدي، وآخرهم المستعصم.

وقد أفردنا فصلًا كاملًا لكل عصر من العصور السابقة الذكر، ثم سلطنا الضوء في  الفصل الخامس على أسباب سقوط الدولة العباسية، ودور الظاهر بيبرس في إحياء الخلافة العباسية في القاهرة.

ومن مآثر هذه الدراسة أن القارئ الكريم سيقف على ترجمة جيدة لكثير من الشخصيات التي تعرضنا لها خلال البحث.

وأخيرًا: أسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعًا ممن يقولون فيعملون، ويعملون فيخلصون، ويخلصون فيقبلون، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أُولُو الألباب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

 

                                                               كتبه            

                                                        د. زين العابدين كامل

                                                             الإسكندرية:       

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى