الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،،
وأنا أسرح بخاطري حول واقعِنا المعاصر مع ما فيه من الغربة والمرارة، وبعد أن تحقق قول الصادق -صلى الله عليه وسلم-: «يوشك الأمم أن تَدَاعى عليكم الأُمم كما تَدَاعى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها»، فقال قائل: أوَمِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغثاءِ السيل، ولينزعن الله من صدور عَدُوِّكم المَهَابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت»، (أخرجه أبو داوود) تذكرت محاضرة سمعتها منذ أكثر من عشرين سنة تقريبا، كانت بهذا العنوان، غائب طالت غيبته .. هل سيعود؟ وهي للشيخ فاروق الرحماني، رحمه الله وغفر له.
سؤالٌ مُلِحٌ في هذة الحقبة التاريخية التي نحياها، هل سيعود الإسلام؟ فإذا عَقَدْنا مقارنةً بين أحوال الأُمَّة في سابق عهدها عبر مراحل التاريخ وما حقّقته الأُمّة من تقدم وازدهار وانتصار في شتى المجالات، الحضارية والثقافية والعسكرية والاقتصادية وغير ذلك، تسأل نفسك: هل سيعود الإسلام بعد غربته التي طالت؟
أين الإسلام الذي نبحث عنه في واقعنا؟
أين الإسلام على مستوى الفرد؟ أين الإسلام على مستوى الشعوب؟ أين الإسلام على مستوى الحكام؟
أين الإسلام في عالم الأخلاق والسلوك؟ أين الإسلام في واقع القوانين والتشريعات؟
أين الإسلام في عالم الفوضى الفكرية؟
أين الإسلام في عالم التجارات والمعاملات والبيوع؟
أين الإسلام في عالم طغى فيه الربا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَأْكُلُونَ فِيهِ الرِّبَا”، قَالَ: قِيلَ لَهُ: النَّاسُ كُلُّهُمْ؟ قَالَ: “مَنْ لَمْ يَأْكُلْهُ مِنْهُمْ، نَالَهُ مِنْ غُبَارِهِ” (أخرجه أحمد).
لقد تحققت الغربة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ” (رواه مسلم).
هل سيعود الإسلام بعد غربته التي طالت؟
والجواب: نعم، حتمًا سيعود..
فعن حذيفة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ. ثُمَّ سَكَتَ” (أخرجه أحمد).
نعم سيعود، ولكن علينا بالعمل والأخذ بالأسباب، فصبرٌ جميلٌ، والله المستعان على ما تصفون.
