صفحات مِن ذاكرة التاريخ (25) الخوارج ومقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبعد الاتفاق الذي تم بيْن أهل الشام وأهل العراق على التحكيم، وأثناء عودة علي -رضي الله عنه- مِن صفين إلى الكوفة انفصل الخوارج في جماعةٍ كبيرة مِن جيش علي -رضي الله عنه-، فأرسل إليهم ابن عباس -رضي الله عنهما- لمناظرتهم، فرجع منهم ألفان بعد مناظرة ابن عباس لهم.
وقد ذكرنا تفاصيل المناظرة في المقال السابق، ثم خرج أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- بنفسه إليهم، فكلمهم فرجعوا ودخلوا الكوفة؛ إلا أن هذا الوفاق لم يستمر طويلاً؛ بسبب أن الخوارج فهموا مِن علي -رضي الله عنه- أنه رجع عن التحكيم وتاب مِن خطيئته, ثم تدهورت الأمور وتأزمت، فكانت معركة النهروان (38هـ – 658م) بيْن أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- وبيْن الخوارج.
وسبب المعركة: أن أمير المؤمنين عليًّا -رضي الله عنه- اشترط على الخوارج ألا يسفكوا دمًا, ولا يروعوا آمنًا, ولا يقطعوا سبيلاً, ونظرًا لأن الخوارج يكفِّرون مَن خالفهم ويستبيحون دمه وماله, فقد بدؤوا بسفك الدماء المحرمة في الإسلام, وقد تعددت الروايات في ارتكابهم المحظورات, وكان أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- يدرك أن هؤلاء القوم هم الخوارج الذين عناهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمروق مِن الدين, لذلك أخذ يحث أصحابه أثناء مسيرهم إليهم ويحرضهم على قتالهم, فقد كان -رضي الله عنه- يحث جيشه على البدء بهؤلاء الخوارج, فقال: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) (رواه مسلم). وقال -رضي الله عنه- في يوم النهروان: “أُمِرْتُ بِقِتَالِ الْمَارِقِينَ، وَهَؤُلَاءِ الْمَارِقُونَ” (أخرجه ابن أبي عاصم في السُّنة، وصححه الألباني).
وأرسل علي -رضي الله عنه- رسله يناشدهم الله ويأمرهم أن يرجعوا, وأرسل إليهم البراء بن عازب -رضي الله عنه- يدعوهم ثلاثة أيام فأبوا (أخرجه البيهقي في السنن الكبرى), ولم تزل رسله تختلف إليهم حتى قتلوا رسله! (المصنف لابن أبي شيبة).
وعندما بلغ الخوارج هذا الحد، وقطعوا الأمل في كل محاولات الصلح وحفظ الدماء, ورفضوا عنادًا واستكبارًا العودة إلى الحق، وأصروا على القتال؛ قام أمير المؤمنين بترتيب الجيش وتهيئته للقتال، وزحف الخوارج إلى علي -رضي الله عنه-, فقال علي لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدأوكم, وأقبلت الخوارج يقولون: “لا حكم إلا لله, الرواح الرواح إلى الجنة!”، وبدأ القتال فاستقبلهم الرماة بالنبل, فرموا وجوههم, وعطفت عليهم الخيالة مِن الميمنة والميسرة, ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف, فأناموا الخوارج فصاروا صرعى وقُتِل أمراؤهم، وقد كانت معركة حاسمة وقصيرة أخذت وقتًا مِن اليوم التاسع مِن شهر صفر مِن عام ثمان وثلاثين للهجرة, وأسفرت هذه المعركة الخاطفة عن عددٍ كبيرٍ مِن القتلى في صفوف الخوارج, وكان الحال على عكس ذلك تمامًا في جيش أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه, فقتلى أصحاب علي -رضي الله عنه- فيما رواه مسلم في صحيحه, عن زيد بن وهب رجلان فقط، قال: “وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ” (رواه مسلم). وفي رواية: “وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ اثْنَا عَشَرَ أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ” (المصنف لابن أبي شيبة).
ثم وافق أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- في سنة أربعين للهجرة بعد الاتفاق الذي تم بيْن الطرفين بشكل مؤقت أن يكون لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- الشام، على أن يكون العراق له، ولا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيش ولا غارة ولا غزو، وذلك بعد ما جرت بيْن علي ومعاوية -رضي الله عنهما- المهادنة بعد مكاتبات جرت بينهما (انظر تاريخ الرسل والملوك للطبري).
وكان أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- قد تنغصت عليه الأمور، واضطرب عليه جيشه، وخالفه أهل العراق، ونكلوا عن القيام معه، وقد كان أهل الشام بعد التحكيم يسمون معاوية الأمير، وكلما ازداد أهل الشام قوة ضعف جأش أهل العراق، هذا وأميرهم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- خير أهل الأرض في ذلك الزمان، أعبدهم وأزهدهم، وأعلمهم وأخشاهم لله -عز وجل-، ومع هذا كله خذلوه وتخلوا عنه حتى كره الحياة وتمنى الموت، وذلك لكثرة الفتن وظهور المحن، فكان يكثر أن يقول: “ما يحبس أشقاها!”، أي ما ينتظر؟ ما له لا يقتل؟ (البداية والنهاية لابن كثير)، وكان علي -رضي الله عنه- في هذا التوقيت يتوجه إلى الله بالدعاء ويطلب منه -عز وجل- أن يعجل منيته، وقال يومًا: “اللهم إني قد سئمتهم وسئموني، ومللتهم وملوني، فأرحني منهم وأرحهم مني، فما يمنع أشقاكم أن يخضبها بدم، ووضع يده على لحيته!” (أخرجه عبد الرزاق في مصنفه بسندٍ صحيح، وابن سعد في الطبقات).
وتفيد بعض الروايات أن عليًّا -رضي الله عنه- كان على علمٍ مسبق مِن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيموت مقتولاً، وهو مِن الشهداء بنص أحاديث رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وقد جمع البيهقي -رحمه الله- هذه الروايات في كتابه (دلائل النبوة)، وجمعها الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في كتابه (البداية والنهاية).
فعن علي -رضي الله عنه- قال: “إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ لَا أَمُوتَ حَتَّى أُؤَمَّرَ، ثُمَّ تُخْضَبَ هَذِهِ -يَعْنِي لِحْيَتَهُ- مِنْ دَمِ هَذِهِ -يَعْنِي هَامَتَهُ-” (رواه أحمد، وصححه الشيخ أحمد شاكر).
لقد تركت معركة النهروان في نفوس الخوارج جرحًا غائرًا، فاتفق نفر منهم على أن يفتكوا بعلي -رضي الله عنه-، ويثأروا لمَن قُتِل مِن إخوانهم في النهروان؛ فاجتمع عبد الرحمن بن ملجم الكندي، وكان في وجهه علامة السجود مِن كثرة العبادة -وكان معروفًا بها-، والبُرك بن عبد الله، وعمرو بن بكر التيمي، فتذاكروا أمر الناس، وعابوا على ولاتهم، ثم ذكروا أهل النهر، فترحموا عليهم، وقالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئًا، إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم، والذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، فلو شرينا أنفسهم فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد، وثأرنا بهم إخواننا، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم علي بن أبي طالب -وكان مِن أهل مصر-، وقال البرك بن عبد الله: وأنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن أبي بكر: وأنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا وتواثقوا بالله لا ينكص رجل منا عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، فأخذوا أسيافهم، فسموها وتواعدوا لسبع عشرة تخلو مِن رمضان أن يثب كل واحد منهم على صاحبه الذي توجه إليه، وأقبل كل رجل منهم إلى المصر الذي صاحبه فيه يطلب، ودخل شهر رمضان فواعدهم ابن ملجم ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت (الكامل في التاريخ لابن الأثير، والبداية والنهاية لابن كثير)، وقال: هذه الليلة التي واعدتُ أصحابي فيها أن يثأروا بمعاوية وعمرو بن العاص.
فجاء ثلاثة نفر، وهم: ابن ملجم، ووردان، وشبيب، وهم مشتملون على سيوفهم، فجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي -رضي الله عنه-، وانتظر عبد الرحمن بن ملجم في فجر هذا اليوم حتى خرج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مِن بيته لصلاة الفجر، وأخذ يمرّ على الناس يوقظهم للصلاة، وكان لا يصطحب معه حراسًا، حتى اقترب مِن المسجد فضربه شبيب بن نجدة ضربة وقع منها على الأرض، لكنه لم يمت منها، فأمسك به ابن ملجم، وضربه بالسيف المسموم على رأسه، فسالت الدماء على لحيته، ولما ضربه ابن ملجم قال: لا حكم إلا لله، ليس لك يا علي ولا لأصحابك، وجعل يتلو قوله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة:207)، ونادى علي -رضي الله عنه-: عليكم به، وهرب وردان فأدركه رجل مِن حضرموت فقتله، وذهب شبيب فنجا بنفسه وفات الناس، ومُسك ابن ملجم.
وقدَّم عليُّ جعدة بن هبيرة بن أبي وهب فصلى بالناس صلاة الفجر، وحٌمل علي -رضي الله عنه- إلى منزله، وحمل إليه عبد الرحمن بن ملجم فأوقف بيْن يديه وهو مكتوف -قبحه الله- فقال له: أي عدو الله ألم أحسن إليك؟ قال: بلى: قال. فما حملك على هذا: قال؟ شحذته أربعين صباحًا، وسألتُ الله أن يُقتل به شر خلقه، فقال له علي -رضي الله عنه-: لا أراك إلا مقتولاً به، ولا أراك إلا مِن شر خلق الله، ثم قال: إن مت فاقتلوه، وإن عشتُ فأنا أعلم كيف أصنع به، فقال جندب بن عبد الله: يا أمير المؤمنين إن مت نبايع الحسن؟ فقال: لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر.
ولما احتضر علي -رضي الله عنه- جعل يكثر مِن قول: “لا إله إلا الله”، لا يتلفظ بغيرها، وقد قيل: إن آخر ما تكلم به (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة:7-8) (الطبقات لابن سعد، وتاريخ الرسل والملوك للطبري)، وقد أوصى ولديه الحسن والحسين بتقوى الله والصلاة والزكاة، وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل، والتفقه في الدين والتثبيت في الأمر، والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش، ووصاهما بأخيهما محمد بن الحنفية ووصاه بما وصاهما به، وأن يعظمهما ولا يقطع أمرًا دونهما، وكتب ذلك كله في كتاب وصيته -رضي الله عنه وأرضاه-، وقد غسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وصلى عليه الحسن (الطبقات لابن سعد).
ولما جاء خبر مقتل علي -رضي الله عنه- إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: “أتبكيه وقد قاتلته؟! فقال: ويحك! إنكِ لا تدرين ما فقد الناس مِن الفضل والفقه والعلم!”(1) (البداية والنهاية لابن كثير 8 /133).
وكانت مدة خلافة علي -رضي الله عنه- على قول خليفة بن خياط، أربع سنين وتسعة أشهر وستة أيام، ويقال ثلاثة أيام، ويقال أربعة عشر يومًا، فكانت وفاته شهيدًا في شهر رمضان يوم الجمعة لسبع عشرة خلت منه (تاريخ الرسل والملوك للطبري). وقيل: في اليوم الحادي والعشرين مِن شهر رمضان عام أربعين للهجرة (أخرج البخاري في التاريخ الكبير بسندٍ صحيح).
وأما معاوية -رضي الله عنه-: فقد انتظره البرك بن عبد الله الذي تعهد بقتله في نفس التوقيت، وضربه بالسيف المسموم فتجنّبه معاوية -رضي الله عنه- فأصاب فخذه، فحمله الناس إلى بيته، وقبضوا على البرك بن عبد الله، وداوى الناس معاوية -رضي الله عنه- فشفاه الله، ولم يمت مِن هذه الضربة.
وأما عمرو بن العاص -رضي الله عنه-: فذهب إليه عمرو بن بكر المتعهد بقتله، وانتظر خروجه لصلاة الصبح، ولكن سبحان مَن بيده ملكوت كل شيء؛ كان مريضًا في هذا اليوم فعهد بالصلاة إلى نائبه خارجة، فلما خرج إلى الصلاة ظنّه الرجل عمرو بن العاص، فذهب إليه وقتله، فأمسكوا به وقتلوه به، ونجّى الله عمرو بن العاص منه، وقال الناس: “أراد عمرًا، وأراد الله خارجة!” فصارت مثلاً لمَن أراد شيئًا وأراد الله شيئًا آخر.
وبعد مقتل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أصبح المسلمون بلا خليفة، وبدأ المسلمون يفكرون في اختيار خليفة لهم (الأخبار الطوال للدينوري، وانظر البداية والنهاية لابن كثير).
وهكذا هم الخوارج الذين سعوا في الأرض فسادًا؛ لقد كانت فتنة الخوارج وبدعتهم أول بدعة اعتقادية ظهرت في أواخر عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، وكانت تتعلق بقضايا الإيمان، فبدعة الخوارج هي أول البدع ظهورًا، وأكثرها تأثيرًا، وأشدها ضررًا على وحدة الأمة؛ بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم، فتساهلوا في مسألة التكفير، واستحلال دماء المسلمين، مع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وقال لعلي -رضي الله عنه-: (أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي) (متفق عليه)، ومع ذلك كفـَّره الخوارج، وقتلوه واستحلوا دمه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ويظنون أنهم يتقربون بذلك إلى الله -عز وجل-!
والله المستعان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهذا يدل على إنصاف الصحابة -رضي الله عنهم- وأنهم مع اختلافهم، لكنهم لا ينكِرون فضل أحدٍ، فرغم ما حدث بينهم إلا أنهم يعرفون فضل بعضهم على بعض ولا ينكرونه، ولا يحملهم ما جرى ووقع بينهم على ألا يعدلوا، فعَن عبد الرَّحْمَنِ بْن مَعْقِلٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيٍّ صَلَاةَ الْغَدَاةِ، قَالَ: فَقَنَتَ، فَقَالَ فِي قُنُوتِهِ: “اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمُعَاوِيَةَ وَأَشْيَاعِهِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَشْيَاعِهِ، وَأَبِي السُّلَمِيِّ وَأَشْيَاعِهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ وَأَشْيَاعِهِ” (مصنف ابن أبي شيبة).
قال شيخ الإسلام معلقًا على هذا الأثر: “وَقِيلَ: إِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ كَانَتْ تَقْنُتُ عَلَى الْأُخْرَى. وَالْقِتَالُ بِالْيَدِ أَعْظَمُ مِنَ التَّلَاعُنِ بِاللِّسَانِ، وَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَنْبًا أَوِ اجْتِهَادًا: مُخْطِئًا أَوْ مُصِيبًا، فَإِنَّ مَغْفِرَةَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ وَالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ وَالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ” (منهاج السُّنة 4/ 469)، وقد سمع عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- رجلاً بجواره يقول: “كفر أهل الشام!” فنهاه عمار -رضي الله عنه- عن ذلك وقال: “إنما بغوا علينا، فنحن نقاتلهم لبغيهم، فإلهنا واحد، ونبينا واحد، وقبلتنا واحدة”.