تاريخ مكة المكرمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
فلقد اهتم المؤرخون -قديمًا وحديثًا- بمكة المكرمة؛ وذلك لما تمثِّله مكة من أهميةٍ دينية، و حضارية، وسياسية، وتاريخية، وثقافية على مَرِّ العصور المختلفة.
وتتمتع مكة بأسماء عِدَّة، من أشهرها: مكة، قيل: سُمِّيتْ بمكة؛ لقِلَّة الماء فيها، وقيل: لأنها تمكُ، أي: تُهلك كلَّ مَن ظَلَم فيها.
و هي أم القرى، والبلد الحرام، والبلد الأمين.
وهي أيضًا -كما ذكرها ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم- “بكة”، قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 96]، أي: التي يبكي الناس عندها، ويزدحمون فيها.
الجذور التاريخية لمكة المكرمة:
ذهب أكثر المؤرخين إلى أن أول مَن سَكَن مكةَ المكرمة هم العماليق، والعماليق: نِسْبَة إلى عملاق أو إلى عمليق، وهو مِن أحفاد سام بن نوح عليه السلام، ثم جاءت بعد ذلك قبيلة جُرهم اليمانية من بلاد اليمن، ثم بعد ذلك جاء إبراهيم مع زوجته هاجر وولدهما إسماعيل عليهم السلام، ثم بعد ذلك كثرت القبائل العربية في مكة المكرمة حتى شرفت مكة بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد اهتم الخلفاءُ الراشدون كذلك بمكة المكرمة، واهتم الخلفاء في عصر بني أمية بمكة المكرمة، واهتم الخلفاء في عصر بني العباس بمكة المكرمة، واهتم السلاطين في الدولة العثمانية بمكة المكرمة، فما مِن خليفة ولا أمير إلا واهتم بمكة -حفظها الله تعالى ورعاها-.
وتعتبر مكة من أقدم المدن على وجه الأرض، وهناك بعض الآثار تُشير إلى أن أول مَن بَنَى البيتَ الحرام، هم: الملائكة، أي: قبل آدم عليه السلام، فيكون تاريخ بناء الكعبة سابقًا لزمن آدم عليه السلام.
جاء في تفسير البغوي رحمه الله: “رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ تَحْتَ الْعَرْشِ بَيْتًا، وَهُوَ: الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَطُوفُوا بِهِ، ثُمَّ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ الْأَرْضِ أَنْ يَبْنُوا فِي الْأَرْضِ بَيْتًا عَلَى مِثَالِهِ وَقَدْرِهِ، فبنوه وَاسْمُهُ الضِّرَاحُ، وَأَمَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ أَنْ يَطُوفُوا بِهِ كَمَا يَطُوفُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَرُوِيَ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَوْهُ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَكَانُوا يَحُجُّونَهُ، فَلَمَّا حَجَّهُ آدَمُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: بَرَّ حَجُّكَ يَا آدَمُ، حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ”([1]).
ومِن العلماء مَن قال: إن تاريخ الكعبة يعود إلى زمن آدم عليه السلام؛ فهو أول مَن بناها؛ جاء في شفاء الغرام: “ورَوَى الأزرقي بناء آدم عليه السلام للكعبة، واستدل له بخبرين رواهما ابن عباس رضي الله عنهما؛ وأن آدم عليه السلام أول مَن أسس البيت وصلَّى فيه”([2]).
وقيل: إن أول مَنْ بَنَى الكعبةَ ولد آدم شيث عليهما السلام، قال السهيلي في “الروض الأنف”: “إن أول مَن بنى البيت شيث عليه السلام”([3]).
وقيل: بل إبراهيم عليه السلام هو أول مَن بنى الكعبة المشرفة؛ وذلك بدلالة الكتاب والسُّنَّة الصريحة، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البقرة: 127]، وفي الحديث الصحيح: أن أبا ذر رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الحَرَامُ» قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الأَقْصَى»، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً»([4]).
وقد جمع بعض العلماء بين النصوص والآثار، فقالوا: إن آدم عليه السلام هو أول مَنْ قام ببناء الكعبة المشرفة، ثم رفع إبراهيم عليه السلام قواعد الكعبة مع ابنه إسماعيل عليه السلام، وعلى هذا فيكون إبراهيم عليه السلام قام برفع القواعد وتجديد البناء.
ولذلك نقول: إن مكة هي أقدم مدينة موجودة، أو مِن أقدم المدن الموجودة على وجه الأرض.
فضائل مكة المكرمة:
مكة المكرمة: أحبَّها اللهُ وفضَّلها على سائر أراضيه، إذ لما خلق الله تبارك وتعالى الأرضَ أحبَّ هذه البقعة المطهَّرة منها، ولك أن تتخيل أن هذه الأرض بهذا الاتساع الهائل، قد اختار الله تعالى واصطفى منها “مكة المكرمة”؛ ولذا جعل فيها تبارك وتعالى بيته الحرام، قال الله عز وجل ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين﴾ [آل عمران: 96]؛ ذلك البيت الذي تحن له القلوب، وتدمع عنده العيون، وتشتاق إليه الأرواح والأفئدة.
مكة المكرمة: دعا لها إبراهيم عليه السلام ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ [إبراهيم: 35]، فهي آمنة بفضل الله تعالى، وهي محفوظة بفضل الله تعالى، وُلِد فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وترعرع وشب فيها، وكانت ملاعب صباه عليه الصلاة والسلام بها.
عاش النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها، وخرج منها عليه الصلاة والسلام في الهجرة وهو يقول: “وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ”([5]).
وفي الطريق بين مكة والمدينة اشتاق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة، فنزل قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ﴾ [القصص: 85]، قال بعض المفسرين: “أي: لرادك إلى مكة مرة أخرى”.
مكة: هي مهبط الوحي، وهي مبعث الرسالة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي قِبْلَة المسلمين، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144]، فهي أحب البقاع إلى الله تبارك وتعالى، ومِن ثَمَّ هي أحب البقاع إلى كلِّ مسلم يؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
أهم مراحل البناء لبيت الله الحرام:
المرحلة الأولى -والمعروفة والمشهورة- هي: مرحلة بناء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لبيت الله الحرام، وهذه المرحلة اتَّفق عليها المؤرخون، ولا جدال فيها، وقد أثبتها القرآن الكريم -كما ذكرنا آنفًا-، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127].
والمرحلة الثانية: كانت بسبب السيول التي حدثتْ في وقتٍ مِن الأوقات، وكان ذلك قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام بخمس سنين، وهذا السيل كان له تأثير على جدران الكعبة المشرفة، وهنا قامت قريش بإعادة بناء الكعبة، وكان بناء الكعبة آنذاك على هيئة حجارة منضودة موضوعة بعضها فوق بعض من غير طين؛ مما جعل السيول التي تجتاح مكة بين الحين والآخر تؤثِّر على متانة الكعبة فأوهت بنيانها، وصدَّعت جدرانها، حتى كادت أن تنهار، فقررت قريش إعادة بناء الكعبة بناءً متينًا يصمد أمام السيول، وتم البناء، وقد اختلفوا في النهاية بعد البناء حول مَن يقوم بوضع الحجر الأسود في مكانه؛ وذلك لشرف هذا الحجر، وحكَّموا فيهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وقد اقترح عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تشترك القبائل جميعًا في حمل الحجر، بحيث ترشح كلُّ قبيلةٍ فردًا منها، ويحمل الجميع الحجر إلى موضعه.
ولما جاء عهد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قرَّر أن يعيدَ بناء الكعبة على نحو ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، فقام بهدمها وأعاد بناءها، وزاد فيها ما قصرت عنه نفقة قريش -وكان حوالي ستة أذرع-، وزاد في ارتفاع الكعبة عشرة أذرع، وجعل لها بابين: أحدهما من المشرق، والآخر من المغرب، يدخل الناس من باب، ويخرجون من الآخر، وجعلها في غاية الحسن والبهاء، فكانت على الوصف النبوي كما أخبرته بذلك خالته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فقد قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائِشَةُ، لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، فألْزَقْتُها بالأرْضِ، وجَعَلْتُ لها بابَيْنِ: بابًا شَرْقِيًّا، وبابًا غَرْبِيًّا، وزِدْتُ فيها سِتَّةَ أذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ، فإنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْها حَيْثُ بَنَتِ الكَعْبَةَ”([6])، وقد فعل ابن الزبير رضي الله عنهما ذلك بعد حريق الكعبة زمن يزيد بن معاوية.
وفي عهد عبد الملك بن مروان كتب الحجاج بن يوسف الثقفي إليه بما صنعه ابن الزبير في الكعبة، وما أحدثه في البناء من زيادة، وظنَّ أنه فعل ذلك بالرأي والاجتهاد، فردَّ عليه عبد الملك بأن يعيدها كما كانت عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما بَنَتها قريشٌ، ثم لما بلغ عبد الملك بن مروان حديث عائشة رضي الله عنها نَدِم على ما فعل، وقال: “وددنا أنا تركناه”.
وفي عصر المهدي في الخلافة العباسية: أراد المهدي أن يبني البيت على ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم كما فعل ابن الزبير، وهنا عرض المهدي الأمر على الإمام مالك رحمه الله تعالى، فرفض الإمام مالك رحمه الله، وقال: “إنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهَا الْمُلُوكُ لُعْبَةً!”، يَعْنِي كُلَّمَا جَاءَ مَلِكٌ بَنَاهَا عَلَى الصِّفَةِ التي يُرِيدُ؛ هذا يرى ما رآه ابن الزبير، وهذا يرى ما رآه عبد الملك، واستقر الوضع إلى يومنا هذا على ما نراه.
وأما آخر بناء للكعبة: فكان في العصر العثماني عام 1040 هـ، في عصر السلطان مراد الرابع، وذلك عندما اجتاحتْ مكةَ سيولٌ عارمةٌ أغرقتِ المسجد الحرام، حتى وصل ارتفاعها إلى القناديل المعلقة؛ مما سبب ضَعْفًا في بناء الكعبة.
وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ»([7])؛ يعني أن الحج إلى بيت الله الحرام سيستمر حتى بعد خروج يأجوج ومأجوج، وأن الناس سيحجون إلى بيت الله الحرام، فالحج سيبقى والكعبة ستبقى، ومكة ستبقى شاء مَن شاء، وأبى مَن أبى، مهما أراد الأشرار والأعداء النيل من مكة المكرمة، فهي محفوظة بحفظ الله تبارك وتعالى لها.
ولما قَدِم أصِيلٌ الغِفَارِيُّ على النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، قالت له عائشة: “يَا أَصِيلُ، كَيْفَ عَهِدْتَ مَكَّةَ؟”، قَالَ: “عَهِدْتُهَا قَدْ أَخْصَبَ جَنَابُهَا، وَابْيَضَّتْ بَطْحَاؤُهَا”، قَالَتْ: “أَقِمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا أَصِيلُ، كَيْفَ عَهِدْتَ مَكَّةَ؟»، قَالَ: “وَاللَّهِ عَهِدْتُهَا قَدْ أَخْصَبَ جَنَابُهَا، وَابْيَضَّتْ بَطْحَاؤُهَا، وَأَغْدَقَ إِذْخِرُهَا، وَأُسْلِتَ ثُمَامُهَا، وَأَمَشَّ سَلَمُهَا”، فَقَالَ: «حَسْبُكَ يَا أَصِيلُ لَا تُحْزِنَّا»([8])؛ لأن قلبَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حنَّ إلى مكة، واشتاق إليها؛ لذا قال: «حَسْبُكَ يَا أَصِيلُ لَا تُحْزِنَّا».
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَيْهًا يَا أَصِيلُ، دَعِ الْقُلُوبَ تُقِرُّ قَرَارَهَا»([9])، أي: دع القلوب ساكنة هادئة، وهذا لما كان يجده النبي صلى الله عليه وسلم من عظيم الشوق والحنين إلى مكة المكرمة.
قَلبِي يَذُوبُ إِلَيكِ مِن تَحْنَانهِ | وَيَهِيمُ شَوقًا في رُبَاكِ وَيَخْضَعُ | |
فَإذا ذُكِرتِ فَأَدمُعِي مُنْهَلَّةٌ | وَالنَّفْسُ مِن ذِكْراكِ دَوْمًا تُوْلَعُ | |
وَإِذا خَلَوتُ إِلَيكِ كَانتْ وِجْهَتِي | فَالرُّوحُ فِيكِ أَسِيرَةٌ لا تَشْبَعُ | |
وَإذا وَقَفْتُ مُناجِيًا وَمُصَلِّيًا | كَانَتْ بِنَفْسِي دَعْوَةٌ أَتَضَرَّعُ | |
يَا لَيْتَنِي في حُبِّهَا مُسْتَشْهِدٌ | كمْ كُنْتُ مِن عِشقِي لَها أَتَوَجَّعُ | |
رَبَّاهُ، أَوْصِلْنِي لِمَكَّةَ عَاجِلًا | فَالنَّفْسُ تَلْهَفُ وَالعُيُونُ تُدَمِّعُ |
بعض الأحداث التاريخية التي وقعت في مكة المكرمة:
من أهمِّ الأحداث التاريخية التي وقعتْ في مكة المكرمة، هذا الحدث المشهور الذي كان في عهد عبد المطلب، وهو حدث أبرهة الحبشي؛ فلقد قام أبرهة الحبشي حاكم اليمن ببناء كنيسة في صنعاء، وأراد أن يصرف الناس بها عن حجِّ بيت الله الحرام، وأراد أن يحوِّل صنعاء إلى عاصمة دينية يذهب الناس إليها، وبالفعل ذهب بجيشٍ جرارٍ كما نعلم جميعًا، ولكن أهلكه الله تبارك وتعالى، ونزل قول الله تبارك وتعالى في حادث أبرهة: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ [سورة الفيل]، ولقد وقع هذا الحدث في عام (571 م)، وهو العام الذى وُلِد فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الأحداث المهمة أيضًا: ذلكم الحدث التاريخي الذي يُسطَّر في كتب التاريخ، ويكتب بأحرفٍ من نورٍ، وهو: حدث فتح مكة؛ يوم أن دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا منتصرًا في العام الثامن من هجرته عليه الصلاة والسلام.
فلقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بعد أن قَضَى فيها أكثر من خمسين سنة من حياته، ثم نزل عليه الوحي وهو في الأربعين من عمره، ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاثة عشر عامًا يدعو إلى الله تعالى، قضى منها ثلاث سنوات في دعوة سرية، ثم عشر سنوات في دعوة جهرية، وبعد رحلة كفاح طويلة، هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وقام بتأسيس دولة الإسلام الأولى في المدينة، ووضع فيها قواعد بناء الأمة، ثم جَرَت بعض الحروب بينه وبين المشركين، ثم كان صلح الحديبية في العام السادس من الهجرة.
ثم بعد أن نقضت قريشٌ الصلح، يوم أن ساندت قريشٌ بني بكر على خزاعة، وقتلوا منهم وأغاروا عليهم، وقد كانت خزاعة قد دخلت في حِلْف رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ هنا تحرَّك النبي صلى الله عليه وسلم بجيشٍ كبيرٍ، قوامه: عشرة آلاف مقاتل إلى مكة المكرمة، وكان ذلك في العام الثامن من الهجرة المباركة، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا منتصرًا، ومعه الصحابة رضي الله عنهم من المهاجرين والأنصار، «دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ كَانَ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: 81]، ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ [سبأ: 49]»([10])، وطاف النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة وصلى فيها عليه الصلاة والسلام.
وبذلك نقول: إن فتح مكة هو الفتح الأعظم للإسلام والمسلمين بعد أن دخلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب لنا وللناس جميعًا أنموذجًا فريدًا في الوفاء مع عثمان بن طلحة؛ روى ابن إسحاق وغيره عن صفية بنت شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما فتح مكة ودخلها واطمأن الناس، خرج حتى جاء البيت الحرام، فطاف به سبعًا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده، فلما قضى طوافه، دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة ففُتحتْ له، فدخلها فصلَّى فيها، ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فقام إليه عليٌّ رضي الله عنه، ومفتاح الكعبة في يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال علي: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية، صلى الله عليك، (أي: يريد مفتاح الكعبة له) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ؟»، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ: «هَاكَ مِفْتَاحَكَ يَا عُثْمَانُ، الْيَوْمُ يَوْمُ بِرٍّ وَوَفَاءٍ»([11]).
وفي روايةَ ابْن سَعْدٍ فِي الطّبَقَاتِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: كُنّا نَفْتَحُ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمًا يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ مَعَ النّاسِ فَأَغْلَظْتُ لَهُ وَنِلْتُ مِنْهُ فَحَلُمَ عَنّي ثُمّ قَالَ: «يَا عُثْمَانُ لَعَلّك سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ يَوْمًا بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْت، فَقُلْتُ: لَقَدْ هَلَكَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَئِذٍ وَذَلّتْ»، فَقَالَ: «بَلْ عَمَرَتْ وَعَزّتْ يَوْمَئِذٍ»، وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ فَوَقَعَتْ كَلِمَتُهُ مِنّي مَوْقِعًا ظَنَنْتُ يَوْمَئِذٍ أَنّ الْأَمْرَ سَيَصِيرُ إلى مَا قَالَ، فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ: «يَا عُثْمَانُ ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ»، فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ مِنّي ثُمّ دَفَعَهُ إلى وَقَالَ: «خُذُوهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلّا ظَالِمٌ، يَا عُثْمَانُ إنّ اللّهَ اسْتَأْمَنَكُمْ عَلَى بَيْتِهِ فَكُلُوا مِمّا يَصِلُ إلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ بِالْمَعْرُوفِ»، قَالَ: فَلَمّا وَلّيْت نَادَانِي فَرَجَعْتُ إلَيْهِ فَقَالَ: «أَلَمْ يَكُنْ الّذِي قُلْتُ لَكَ؟»، قَالَ: فَذَكَرْت قَوْلَهُ لِي بِمَكّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ: «لَعَلّك سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْت»، فَقُلْتُ: بَلَى، أَشْهَدُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ([12]).
ومن الأحداث الجسيمة والمؤسفة التي وقعت في مكة المكرمة، ما أحدثه الشيعة القرامطة عام (317هـ): ويُعد هذا الحدث هو الأكثر دموية والأكثر بشاعة في تاريخ مكة المكرمة، ففي القرن الرابع الهجري دخل الشيعة القرامطة إلى مكة المكرمة في موسم الحج، فدخلوا في يوم التروية إلى ساحة المسجد الحرام، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة وقد أحرم الناس بالحج، وتزيَّنت مكة بمشاهد الحجيج الذين أحرموا بلباسهم الأبيض؛ منهم مَن بدأ بالمسجد الحرام ليطوف قبل أن يذهب إلى منى، ومنهم مَن ما زال يؤدي مناسك العمرة؛ لأنه سيتمتع، ومنهم مَن أحرم وتوجَّه إلى مشعر منى، والعَالَم كله يشاهد مناسك الحج في اليوم الثامن من ذي الحجة.
وفي ذلك اليوم بعد أن ارتفعت صيحات التلبية ورجت مكة المكرمة، دخل الشيعة القرامطة المسجد الحرام، وقتلوا المسلمين، وقتلوا الطائفين، وقتلوا الحجاج، وقتلوا المعتمرين، وقتلوا المُحْرمين الذين أحرموا وتجرَّدوا من ثيابهم لربهم تبارك وتعالى!
دخل الشيعة القرامطة يوم التروية سنة (317) من الهجرة، وقتلوا المسلمين وهم يطوفون حول المسجد الحرام في واقعة مأساوية شنيعة.
وهذا يعرفنا جيدًا مَن هم الشيعة؛ حتى نفهم حقيقة الصراع، ولا تنخدع بما يقوله البعض: مِن أن الخلاف بيننا وبين الشيعة هو خلاف في بعض الفرعيات!
ولما دخل الشيعة القرامطة البيت الحرام، أسرع المسلمون إلى الكعبة وتعلَّقوا بأستارها خوفًا من القتل، وفرارًا من الشيعة المجرمين، وهنا قتلهم الشيعة وهم يتعلقون بأستار الكعبة، وهدموا بئر زمزم، وهتكوا كسوة الكعبة، واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه، وظلَّ الحجر الأسود بحوزتهم ما يقرب من اثنين وعشرين سنة، وكان المسلمون خلال تلك الفترة يطوفون حول الكعبة، والكعبة بلا حجر!
فلك أن تتخيل ذلك المشهد الإجرامي، من قتل حجاج بيت الله الحرام حول الكعبة بأيدي الشيعة، واقتلاعهم للحجر الأسود من مكانه لسنواتٍ عديدةٍ!
ولذلك نقول: إن الشيعة هم أعدى أعداء الإسلام، وهم أشر من اليهود على أمة النبي عليه الصلاة والسلام.
وقد ظلَّ الحجر الأسود موجودًا لدى الشيعة، ولم يرجع الحجر الأسود إلا عندما أصدر إليهم عبيد الله المهدي تعليمات بإعادة الحجر إلى مكانه مرة أخرى، فهذا الحدث من أبشع الأحداث المؤلمة التي وقعت في مكة المكرمة.
ومن الأحداث التي أريدُ أن أسلِّط الضوء عليها، حدث وقع من أربعين سنة تقريبًا: ففي الأول من شهر الله المحرم عام 1400هـ، دخل محمد بن عبد الله القحطاني الحرم، وأعلن أنه المهدي الذي بَشَّر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد أن أقنعه بذلك صهره المُسَمَّى جهيمان العتيبي، فجهيمان هو الذي أقنع محمد بن عبد الله أنه المهدي الذي أخبر عنه رسولُ الله عليه الصلاة والسلام، ويوجد عندنا أحاديث كثيرة عن التبشير بالمهدي، الذي سيكون في آخر الزمان.
والمهدي عند أهل السنة يختلف عن المهدي عند الشيعة، فمهدي السنة حقيقة، ومهدي الشيعة خرافة، فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خروج المهدي آخر الزمان، وأنه يملأ الأرض عدلًا بعد ما مُلئت جورًا، وفي زمانه تكثر الخيرات وتنزل البركات ويفيض المال.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ، وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ»([13])، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: «فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ»([14]).
وهناك أحاديث صحيحة صحَّحها الحافظ، ذكر فيها المهدي باسمه وبصفاته، ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي»([15]).
ومنها: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمَهْدِيُّ مِنِّي، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ»([16]).
وعن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي، مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ»([17]).
وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ»([18]).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ، يَسْقِيهِ اللهُ الْغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحًا، وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ، وَتَعْظُمُ الْأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا -يعني حججًا-»([19]).
وفي اليوم الأول من المحرم عام 1400هـ، الموافق عشرين نوفمبر 1979م: اقتحم جهيمان العتيبي ومعه مائتا مسلَّح الحرمَ، واستولوا على الحرم بعد صلاة الفجر، واستولوا على مكبرات الصوت، وجاء جهيمان العتيبي وأعلن في المصلين: أن المهدي الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام قد ظهر، ودعا الناس لبيعة المهدي المزعوم!
هذا ما حدث في الحرم المكي، وهنا تدخلت القوات السعودية وأعطت فرصة أسبوعين حتى يستسلم هؤلاء الرعاع المسلحين، لكن للأسف لم يستسلموا، واضطرت القوات إلى مهاجمة الحرم المكي الشريف، وقُتِل خَلْق ٌكثيرٌ من الفريقين، لكن في النهاية سيطرت القوات على فتنة المهدي المزعوم محمد بن عبد الله القحطاني، وقُتل من الجماعة المجرمة عددٌ كبيرٌ، وقُتل المهدي الزعوم نفسه.
ثم بعد ذلك تم الحكم بالإعدام على واحد وستين من أفراد الجماعة المنحرفة، منهم: جهيمان العتيبي.
فهذا الحدث من أهم الأحداث التي حدثت في مكة المكرمة، ولا شك أن مكة محروسة ومحفوظة بحفظ الله تبارك وتعالى، ومن أرادها بسوء أهلكه الله عز وجل؛ شاء مَن شاء، وأبى مَن أبى؛ فكلُّ مَن أراد بمكة السوء، فإن الله تعالى يقصمه ويهلكه، كما في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ»([20]).
ومن الأحداث المعاصرة التي وقعت في البلد الأمين: أنه في عام (1986م) اكتشفت السلطات السعودية في مطار جدة أثناء تفتيش حقائب الشيعة الذين أتوا لحج بيت الله الحرام، واحد وخمسين حقيبة فيها عنصر(C4)، وهي مادة متفجرة، فتم القبض على هؤلاء الذين أرادوا السوء بمكة المكرمة.
وفي عام (1987م): قام الإيرانيون في مكة بأعمال شغب، ورفعوا شعارات الثورة الخمينية في مكة المكرمة اعتراضًا على مساندة المملكة العربية السعودية لدولة العراق في حربها مع إيران، وكذلك في موسم الحج عام (1990م) كانت حادثة نفق المعيصم؛ إذ حدث تدافع وزحام في نفق المعيصم في موسم الحج بمنطقة مِنَى، وقد أدَّى هذا التدافع إلى وفاة (1426) من حجاج بيت الله الحرام، والمصادر أشارت آنذاك إلى أن الشيعة هم الذين تورَّطوا في تلك الحادثة.
وفي عام (1994م): قام الشيعة بعمل بعض التفجيرات بالقرب من الحرم، وقد قتل بالفعل عددٌ مِن حجاج بيت الله الحرام.
وفي عام (2015م): -في موسم الحج أيضًا- حدث تدافع بين الحجاج في منى أودى بحياة (769) من حجاج بيت الله الحرام، وأصيب (694) من حجاج بيت الله الحرام، والمؤشرات أشارت إلى أن إيران هي المتورطة في هذه الأحداث.
فهذه كانت بعض الأحداث التي وقعتْ في مكة المكرمة قديمًا وحديثًا([21]).
([1]) البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود، معالم التنزيل في تفسير القرآن (1/ 471).
([2]) الفاسي، محمد بن أحمد بن علي، تقي الدين، أبو الطيب المكي الحسني: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (1/ 125)، وانظر الأزرقي: أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار (1/ 36).
([3]) السهيلي، الروض الأنف (3/ 255) والأزرقي، أخبار مكة (1/ 38).
([4]) رواه البخاري (3366)، ومسلم (520).
([5]) رواه أحمد (18717)، والترمذي (3925)، وابن ماجه (3108)، وصححه الألباني.
([6]) رواه البخاري (1586)، ومسلم (1333).
([8]) الأزرقي، أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار (2/ 155).
([9]) أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بريدة الموصلي الأزدي، المخزون في علم الحديث (ص 47).
([10]) رواه البخاري (4287)، ومسلم (1781).
([11]) عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين، السيرة النبوية (2/ 412).
([12]) محمد بن سعد بن منيع الزهري، الطبقات الكبرى (5/ 17).
([13]) رواه البخاري (3449)، ومسلم (155).
([15]) رواه أبو داود (4282)، وقال الألباني: “حسن صحيح”.
([16]) رواه أبو داود (4285)، وحسنه الألباني.
([17]) رواه أبو داود (4284)، وصححه الألباني.
([18]) رواه أحمد (645)، وابن ماجه (4085)، وصححه الألباني.
([19]) رواه الحاكم (6873)، وصححه، ووافقه الذهبي والألباني.
([20]) رواه البخاري (2118)، ومسلم (2884).
([21]) لمزيد من الاطلاع على أخبار مكة وتاريخها، راجع: أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار للأزرقي، وتاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف لابن الضياء، وأخبار مكة في قديم الدهر وحديثه للفاكهي.