مقالات تاريخية

صفحات مِن ذاكرة التاريخ (43) عبد الملك بن مروان وصراعه مع أهل العراق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ذكرنا في المقال السابق كيف تمت البيعة لمروان في بلاد الشام، وكان ذلك في وجود الخليفة الشرعي عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-، ونستعرض في هذا المقال الأحداث بيْن عبد الملك بن مروان وأهل العراق.

عبد الملك بن مروان(1) وصراعه مع أهل العراق:

تولى عبد الملك بن مروان بعد وفاة أبيه، فبعث عبد الملك إلى عبيد الله بن زياد يقرُّه على ما ولاّه عليه أبوه مروان في العراق، وتقدم ابن زياد نحو العراق وهدفه إجلاء ولاة ابن الزبير، ولكنه اضطر إلى أن يغير خطته، فقد ظهر في الميدان أعداء جدد لم يكونوا في حسبان ابن زياد، وهم “التوابون”(2).

عَلِمَ التوّابون بقدوم ابن زياد إلى العراق، فرأوا الخروج لقتاله وقتل ابن زياد أخذًا بثأر الحسين، وكان عددهم في بادئ الأمر ستة عشر ألفًا، فلما جاء وقت العمل الجاد نكصوا وتقاعسوا حتى وصل عددهم إلى أربعة آلاف، وحتى الآلاف الأربعة الذين تجمعوا حول زعيم التوابين سليمان بن صرد تخلَّى عنه منهم ألف، وبقي معه ثلاثة آلاف فقط، أما جيش الشام فكان عدده ستين ألفًا، عليهم عبيد الله بن زياد ليعيد العراق إلى سلطان الأمويين بعد أن بسط حكمهم على الشام، فالتقى بالتوابين في عين الوردة مِن أرض الجزيرة، ودارت معركة غير متكافئة قُتِلَ فيها معظم التوابين وزعيمهم سليمان بن صرد، وكان عمر سليمان بن صرد -رضي الله عنه- يوم قٌتل ثلاثًا وتسعين سنة (البداية والنهاية 11/ 697)، وكان ذلك في ربيع الآخر سنة 65هـ -684م.

وفَرَّ الباقون عائدين إلى الكوفة لينضموا إلى المختار الثقفي(3) الذي انفرد بزعامة الشيعة؛ فقويت حركته وكثُر أتباعه، ثم ازداد مركزه قوة بانضمام إبراهيم بن الأشتر النخعي إليه -وهو مِن زعماء الكوفة-، فثار على عبد الله بن مطيع العدوي أمير الكوفة من قِبَلِ عبد الله بن الزبير فأخرجه منها، وأحكم سيطرته عليها، ولكي يثبت صحة دعواه في المطالبة بدم الحسين تتبع قتلته، فقتل معظمهم في الكوفة، ثم أعد جيشًا جعل على قيادته إبراهيم بن الأشتر، وأرسله إلى قتال عبيد الله بن زياد، فالتقى به عند نهر الخازر بالقرب مِن الموصل، وحلَّت الهزيمة بجيش ابن زياد الذي خَرَّ صريعًا في ميدان المعركة سنة 67هـ -686م (الكامل في التاريخ 2/ 7)، وكان مقتل عبيد الله بن زياد في يوم عاشوراء سنة سبع وستين, ثم بعث إبراهيم بن الأشتر برأس ابن زياد إلى المختار (تاريخ الرسل والملوك للطبري).

وتعاظم نفوذ المختار بعد انتصاره على ابن زياد، وسيطر على شمال العراق والجزيرة، وأخذ يولي العمال مِن قِبَله على الولايات ويجبي الخراج، وانضمَّ إليه عددٌ كبيرٌ مِن الموالي لبغضهم لبني أمية مِن ناحية؛ ولأنه أغدق عليهم الأموال مِن ناحية ثانية، وبدا كما لو أنه أقام دولة خاصة به في العراق بيْن دولتي: ابن الزبير في الحجاز، وعبد الملك بن مروان في الشام، ولكنه لم ينعم طويلًا بهذه الدولة.

كان المتوقع أن تكون نهاية المختار على يد عبد الملك بن مروان الذي وتره بقتل ابن زياد أبرز أعوانه، ولكن عبد الملك كان سياسيًّا حكيمًا، وقائدًا محنكًا، فقد ترك لابن الزبير مهمة القضاء على المختار؛ لأن عبد الملك كان يعلم أن ابن الزبير لا بد أن يتحرك للقضاء عليه (العالم الإسلامي في العصر الأموي ص 484)، فهو لا يسمح لنفوذ المختار أن يتسع ويهدد دولته؛ علمًا أن عبد الله بن الزبير هو الخليفة الشرعي ومِن حقه أن يقاتل مَن خرج عليه؛ فلذلك آثر عبد الملك بن مروان الانتظار؛ لأن نتيجة المواجهة ستكون حتمًا في صالحه، فسوف يقضي أحدهما على صاحبه، ومَن يبقى تكون قوته قد ضعفت فيسهل القضاء عليه.

وبالفعل حدث ما كان توقعه عبد الملك بن مروان، فالمختار لم يكتفِ بانتصاره على جيش عبد الملك وبَسْطِ نفوذه على شمال العراق والجزيرة، بل أخذ يُعِدُّ نفسه للسير إلى البصرة لانتزاعها مِن مصعب بن الزبير الذي أصبح واليًا عليها مِن قِبَل أخيه عبد الله بن الزبير، فسار مصعب بنفسه إلى المختار قبْل أن يُعاجِله في البصرة، والتقى به عند حروراء فدارت الدائرة على المختار فأسرع بالفرار إلى الكوفة، وتحصن بقصر الإمارة، إلا أن مصعبًا حاصره في القصر حتى قُتِلَ سنة 67هـ – 686م، وهكذا انتهت حركة هذا الكذاب الضال الذي كان همه الوصول إلى الحكم بأية وسيلة، ولم تنفعه ادعاءاته بحب آل البيت والطلب بثأرهم! فقد انكشفت حيله، وتخلى عنه أهل العراق وأسلموه إلى مصيره المحتوم.

وبعد أن استعاد ابن الزبير سيطرته على العراق كان مِن الطبيعي أن يحدث الصدام بينه وبيْن عبد الملك بن مروان، فعزم عبد الملك على السير إلى العراق وانتزاعها مِن ابن الزبير، وكان ذلك سنة 71هـ – 690م، وكان ذلك بعد أربع سنين مِن القضاء على المختار (الكامل في التاريخ 3/ 51)، ولعل عبد الملك بن مروان أخَّر هذا الصدام بينه وبيْن ابن الزبير إلى هذا الوقت؛ لكي يوطد دعائم حكمه في بلاد الشام، فقضى هذه السنين في حل بعض مشاكله، وبعد أن اطمأن عبد الملك إلى استقرار حكمه ببلاد الشام توجَّه لقتال مصعب بن الزبير، فنزل عبد الملك “مسكن” -بالفتح ثم السكون، وكسر الكاف، موضع قريب مِن أوانا على نهر دجيل عند دير الجاثليق- وزحف مصعب نحو باجميرا، وعلى مقدمة جيشه إبراهيم بن الأشتر، ثم أخذ عبد الملك يكاتب زعماء أهل العراق مِن جيش مصعب يعدهم ويمنيهم، بل إن عبد الملك بن مروان صرَّح أن كتب أهل العراق أتته يدعونه إليهم قبْل أن يكاتبهم هو -وهذا ليس غريبًا عن أهل العراق- وفي الوقت الذي كان عبد الملك يكاتب فيه زعماء أهل العراق مِن قواد مصعب والذين قبلوا التخلي عنه والانضمام إلى عبد الملك، كان حريصًا على ألا يقاتل مصعبًا للمودة والصداقة القديمة التي كانت بينهما؛ فأرسل إليه رجلًا مِن كلب وقال له: “أقرئ ابن أختك السلام -وكانت أم مصعب كلبية- وقل له: يَدَع دعاءه إلى أخيه، وأدَعُ دعائي إلى نفسي، ويُجْعَل الأمرُ شورى. فقال له مصعب: قل له: السيف بيننا” (الكامل في التاريخ 3/ 52، البداية والنهاية 8 /316).

ثم حاول عبد الملك محاولة أخرى: فأرسل إليه أخاه محمدًا ليقول له: “إن ابن عمك يعطيك الأمان”، فقال مصعب: “إن مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبًا أو مغلوبًا” (تاريخ الرسل والملوك 7/ 45)، ثم دارت المعركة، وقُتل إبراهيم بن الأشتر وقٌتل معه جماعة مِن الأمراء، وجعل مصعب ينادي في أتباعه بأن يتقدموا إلى الأمام فلا يتحرك أحد، فجعل يقول: “يا إبراهيم، ولا إبراهيم لي اليوم!”، وبدأت خيانات أهل العراق تظهر، وتخلى أهل العراق عن مصعب وخذلوه حتى لم يبقَ معه سوى سبعة رجال! (الكامل في التاريخ لابن الأثير 3/ 53-54)، ولكنه ظل يقاتل في شجاعة وبسالة حتى أثخنته الجراح، وأخيرًا قتله عبيد الله بن زياد بن ظبيان، وكان مقتله في المكان الذي دارت فيه المعركة على قصر دجيل عند دير الجاثليق في جمُادَى الآخرة سنة 72هـ – 691م.

فلما بلغ عبد الملك مقتله سجد شكرًا لله، وقال: “واروه، فقد والله كانت الحرمة بيننا قديمة”، وقد كان عبد الملك يحب مصعبًا حبًّا شديدًا، وكان خليلًا له قبْل الخلافة، ولما وضع رأس مصعب بين يدي عبد الملك, بكى وقال: “متى تلد النساء مثل مصعب، ما كنتُ أقدر أن أصبر عليه ساعة واحدة مِن حبي له, حتى دخل السيف بيننا، ولكن هذا المُلْك عقيم” (تاريخ الرسل والملوك للطبري 7/ 44)، والبداية والنهاية 8/ 321)، وكان ابن ظبيان فاتكًا رديئًا، وكان يقول: “ليتني قتلت عبد الملك حين سجد يومئذٍ؛ فأكون قد قتلت ملكي العرب!”.

وبمقتل مصعب عادت العراق إلى حظيرة الدولة الأموية، وعيَّن عبد الملك أخاه بشرًا واليًا عليها، وقبْل أن يغادرها أَعَدَّ جيشًا للقضاء على عبد الله بن الزبير في مكة.

هذا ونشير إلى أن مِن أهم أسباب هزيمة مصعب بن الزبير: خيانة أهل العراق لاسيما بعض قادة الجيش، ومَن تبعهم، ثم إنهاك الجيش في معارك كثيرة طاحنة وشديدة، وربما كذلك عدم مد الخليفة عبد الله بن الزبير أخاه بالقوات قدر المستطاع؛ لا سيما مع كثرة العدد والعدة في جيش عبد الملك، ثم إقباله على القتال بعد انسحاب معظم الجيش، فكان لابد مِن نظرةٍ واقعيةٍ للواقع، وإعمال فقه الموازنات.

ونستكمل في المقال القادم -بمشيئة الله تعالى-.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هو عبد الملك بن الحكم بن أبي العاص بن أمية, أبو الوليد الأموي, وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية، ولد سنة 26هـ في خلافة عثمان، شهد يوم الدار وعمره عشر سنوات، وكان أميرًا على أهل المدينة وله ست عشرة سنة، ولاه إياها معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، وكان يجالس الفقهاء والعلماء والعباد والصلحاء.

روى عبد الملك بن مروان الحديث عن أبيه، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وابن عمر، ومعاوية، ويزيد بن معاوية، وأم سلمة، وبريرة مولاة عائشة -رضي الله عنهم أجمعين-. وروى عنه جماعة، منهم: خالد بن معدان، وعروة بن الزبير، والزهري، وعمرو بن الحارث، ورجاء بن حيوة، وجرير بن عثمان وثعلبة بن أبي مالك القرظي، وربيعة بن يزيد، ويونس بن ميسرة، وابنه محمد بن عبد الملك -رحمهم الله تعالى-، روى ابن سعد بسنده أَنَّ معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يوم ومعه عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، فمر بهما عبد الملك بن مروان فقال معاوية: ما آدَبَ هذا الفتى وأحسن مُرُوَّتَهُ؟ فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين إن هذا الفتى أخذ بخصال أربع، وترك خصالًا ثلاث: “أَخَذَ بِحُسْنِ الْحَدِيثِ إِذَا حَدَّثَ، وَحُسْنِ الِاسْتِمَاعِ إِذَا حُدِّثَ، وَحُسْنِ الْبِشْرِ إِذَا لَقِيَ، وَخِفَّةِ الْمُئُونَةِ إِذَا خُولِفَ. وَتَرَكَ مِنَ الْقَوْلِ مَا يَعْتَذِرُ مِنْه، وَتَرَكَ مُخَالَطَةَ اللِّئَامِ مِنَ النَّاسِ، وَتَرَكَ مُمَازَحَةَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِعَقْلِهِ وَلَا مُرُوَّتِه” (الطبقات الكبرى 5/ 224). وعن الشعبي، قال: “ما جالستُ أحدًا إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عَبد المَلِك بن مروان فإني ما ذاكرته حديثًا إلا زادني فيه، ولا شعرًا إلا زادني فيه”. وقال الأصمعي: “قيل لعبد الملك: عجل بك الشيب. قال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة” (تهذيب الكمال في أسماء الرجال).

اشتهر عبد الملك بن مروان بالعلم والفقه والعبادة، فقد كان أحد فقهاء المدينة الأربعة، قال الأعمش عن أبي الزناد: “كان فقهاء المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك بن مروان”. حتى قال نافع مولى عبد الله بن عمر: ” أدركت المدينة وما بها شاب أنسك، ولا أشد تشميرًا، ولا أكثر صلاة، ولا أطلب للعلم، ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله مِن عبد الملك بن مروان”.

وعن ابن عمر أنه قال: “ولد الناس أبناء، وولد مروان أبًا يعني عبد الملك!”، ورآه يومًا وقد ذكر اختلاف الناس، فقال: “لو كان هذا الغلام اجتمع الناس عليه”. وقال رجاء بن أَبي سلمة، عن عبادة بن نسي: “قيل لابن عمر: إنكم معشر أشياخ قريش يوشك أن ينقرضوا، فمن نسأل بعدكم. فقال: إن لمروان ابنًا فقيهًا فسلوه” (تاريخ بغداد 10/ 388).

وقد عُرف عن عبد الملك بن مروان فقهه وتقواه وملازمته لكتاب الله، فكان يسمى حمامة المسجد؛ لحرصه على المكث فيه، ومداومته قراءة القرآن، وقد استشهد الإمام مالك في الموطأ بفقهه وأحكامه وقضاياه، قال أبو بكر بن العربي: “فهذا مالك -رضي الله عنه- قد احتج بقضاء عبد الملك بن مروان في موطئه وأبرزه في جملة قواعد الشريعة… وأخرج البخاري عن عبد الله بن دينار قال: شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان كتب: “إني أقر بالسمع والطاعة لعبد الملك أمير المؤمنين على سنة الله وسنة رسوله ما استطعت، وإن بني قد أقروا بمثل ذلك” (العواصم مِن القواصم).

وكان عبد الملك بن مروان يحض الناس في خلافته على طلب العلم، فيقول: “إن العلم سيقبض قبضًا سريعًا، فمَن كان عنده علم فليظهره غير غال فيه ولا جاف عنه”، وكان يجد في الأذكار الصالحة، ويوصي بذلك أصحابه، فقد روي ابن أبي الدنيا أن عبد الملك كان يقول لمَن يسايره في سفره إذا رفعت له شجرة: سبحوا بنا حتى تأتي تلك الشجرة، كبروا بنا حتى تأتي تلك الشجرة، ونحو ذلك (البداية والنهاية 9/ 64)، وكان في حياته الخاصة قد ترك سبل اللهو مِن الشراب والخمر والموسيقى والغناء، وقال الأصمعي عن أبيه عن جده: “وخطب عبد الملك يومًا خطبة بليغة، ثم قطعها وبكى بكاءً شديدًا، ثم قال: يا رب إن ذنوبي عظيمة، وإن قليل عفوك أعظم منها، اللهم فامح بقليل عفوك عظيم ذنوبي، فبلغ ذلك القول زاهد العراق الحسن البصري فبكى، وقال: لو كان كلام يكتب بالذهب لكتب هذا الكلام” (البداية والنهاية 9/ 67)، وقال الشعبي: خطب عبد الملك، فقال: “اللهمّ إن ذنوبي عظام، وهي صغار في جنب عفوك، فأغفرها لي يا كريم” (تاريخ الإسلام للذهبي 6/146).

(2) التوابون مجموعة مِن الشيعة، كان كثير منهم ممَن كتبوا إلى الحسين بن علي وهو في مكة بعد موت معاوية ليسير إليهم في الكوفة؛ فلما سار إليهم خذلوه وتخلوا عن نصرته، وأسلموه إلى المصير المؤلم الذي آل إليه، ولكن بعد استشهاده هزتهم الفاجعة، وعضهم الندم على تقصيرهم نحوه، فلم يجدوا طريقة يكفِّرون بها عن هذا التقصير الكبير، ويتوبون إلى الله بها مِن هذا الذنب العظيم سوى الثأر للحسين بقتل قتلته، فسُمُّوا بذلك: التوابين، وتزعمهم سليمان بن صرد الخزاعي، وسموه: أمير التوابين، وعلَّق ابن كثير على جيش التوابين بقوله: “لو كان هذا العزم والاجتماع قبْل وصول الحسين إلى تلك المنزلة لكان أنفع له وأنصر مِن اجتماعهم لنصرته بعد أربع سنين!” (البداية والنهاية 11/ 697).  

(3) هو المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذَّاب, كان والده الأمير أبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة الثقفي, أسلم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-, ولم تعلم له صحبة, استعمله عمر بن الخطاب على جيشٍ, فغزا العراق, وإليه تنسب وقعة جسر أبي عبيد, ونشأ المختار فكان مِن كبراء ثقيف, وذوي الرأي والفصاحة والشجاعة والدهاء، لكن قد تغيرت أحواله فيما بعد، وكان يزعم أن الوحي ينزل عليه على يد جبريل يأتي إليه، ظهر المختار بن أبي عبيد الثقفي على مسرح الأحداث بعد موت يزيد بن معاوية سنة 64هـ, وهو مِن الشخصيات التي حفل بها العصر الأموي, والتي كانت تسعى لها عن دور, وتسعى إلى السلطان بأي ثمن، فتقلب مِن العداء الشديد لآل البيت على ادعاء حبهم والمطالبة بثأر الحسين (البداية والنهاية 11/ 66).

زر الذهاب إلى الأعلى