مقالات تاريخية

صفحات مِن ذاكرة التاريخ (27) بيعة الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وتنازله عن الخلافة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ذكرنا في المقال السابق أن الحسن -رضي الله عنه- لما رأى صنع أصحابه أيقن أنه لا فائدة منهم، ولا نصر يُرجى على أيديهم، وهذه كانت قناعته منذ البداية، فدفعه ذلك إلى قطع خطواتٍ أوسع، والاقتراب أكثر مِن الصلح.

وقوع الصلح بيْن الحسن ومعاوية -رضي الله عنهما-:

لقد سجَّلتْ لنا صفحات التاريخ تلك اللحظات الحرجة مِن تاريخ الأمة المسلمة حين التقى الجمعان؛ جمع أهل الشام، وجمع أهل العراق، وذلك في الرواية التي أخرجها البخاري مِن طريق الحسن البصري، قال: اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ: إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: أَيْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ، وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ؟ مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ؟ مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ؟ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولاَ لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ، فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالاَ لَهُ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالاَ: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا؟ قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ، فَقَالَ الحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ)(1)

فالذي حدث مِن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- هو عَلَم مِن أعلام النبوة، ومنقبة للحسن بن علي -رضي الله عنهما-، فإنه ترك المُلك لا لقلة، ولا لذلة، ولا لعلة، بل لرغبته فيما عند الله؛ لما رآه مِن حقن دماء المسلمين، فراعى مصلحة الأمة.

وفى هذه الرواية: رد على الخوارج الذين كانوا يكفـِّرون عليًّا ومَن معه، ومعاوية ومَن معه، بشهادة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالطائفتين بأنهم مِن المسلمين.

وفيها: دلالة على رأفة معاوية -رضي الله عنه- بالرعية، وشفقته على المسلمين، وقوة نظره في تدبير الملك، ونظره في العواقب.

وفيها: جواز خلع الخليفة نفسه، إذا رأى في ذلك صلاحًا للمسلمين” (فتح الباري).

وفي رواية: “أن معاوية -رضي الله عنه- كان يعلم أن الحسن -رضي الله عنه- أكره الناس للفتنة، فلما تُوفي علي -رضي الله عنه- بعث معاوية إلى الحسن، فأصلح الذي بينه وبينه سرًّا، وأعطاه معاوية عهدًا إن حدث به حدث والحسن حي لَيُسَمَيّنًّه -أي يرشحه للخلافة مِن بعده-، وليجعلن هذا الأمر إليه، فلما توثق منه الحسن، قال ابن جعفر -أي عبد الله بن جعفر-: والله إني لجالس عند الحسن إذ أخذت لأقوم فجذب بثوبي، وقال: اقعد يا هناه -أي يا رجل-، واجلس، فجلستُ، قال: إني قد رأيتُ رأيًا وأحب أن تتابعني عليه. قال: قلتُ: ما هو؟ قال: قد رأيتُ أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بيْن معاوية، وبيْن هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسقطت فيها الدماء، وقطعت فيها الأرحام، وقطعت السبل، وعُطلت الفروج -يعني الثغور-، فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد، فأنا معك على هذا الحديث.

فقال الحسن: ادع لي الحسين، فبعث إلى الحسين، فأتاه فقال: يا أخي قد رأيت رأيًا وإني أحب أن تتابعني عليه. قال: ما هو؟ قال: فقص عليه الذي قال لابن جعفر قال الحسين: أعيذك بالله أن تكذب عليًّا في قبره وتصدق معاوية. قال الحسن: والله ما أردتُ أمرًا قط إلا خالفتني إلى غيره، والله لقد هممتُ أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضى أمري. قال: فلما رأى الحسين غضبه، قال: أنت أكبر ولد علي، وأنت خليفته، أمرنا لأمرك تبع، فافعل ما بدا لك” (الطبقات لابن سعد).

ويُلاحظ مِن الروايتين: أن الرغبة في الصلح كانت موجودة لدى الطرفين، فقد سعى الحسن -رضي الله عنه- إلى الصلح، وخطط له منذ اللحظات الأولى لمبايعته، ثم جاء معاوية فأكمل ما بدأه الحسن، فكان عمل كل واحد منهما مكملاً للآخر -رضي الله عنهما-.

وبعد نجاح مفاوضات الصلح بيْن الحسن ومعاوية -رضي الله عنهما-، شرع الحسن -رضي الله عنه- في تهيئة نفوس أتباعه على تقبل الصلح الذي تم، فقام فيهم خطيبًا ليبيِّن لهم ما تم بينه وبيْن معاوية، وفيما هو يخطب هجم عليه بعض عسكره محاولين قتله! لكن الله -سبحانه وتعالى- أنجاه كما أنجاه مِن قبْل.

وقد أورد البلاذري خطبة الحسن -رضي الله عنه- التي ألقاها في أتباعه، ومحاولة قتله -رضي الله عنه-، فقال: “إني أرجو أن أكون أنصح خلقه لخلقه، وما أنا محتمل على أحدٍ ضغينة، ولا حقدًا، ولا مريدًا به غائلة، ولا سوءًا، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرًا مِن نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا عليَّ، غفر الله لي ولكم. فنظر بعض الناس إلى بعض، وقالوا: عزم والله على صلح معاوية، وضعف وخار، وشدوا على فسطاطه، فدخلوه، وانتزعوا مصلاه مِن تحته، وانتهبوا ثيابه، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي جعال الأزدي، فنزع مطرفه -أي رداءه- مِن عاتقه، ثم تعرض للحسن الجراح بن سنان(2)، وكان يرى رأى الخوارج، فقعد للحسن  ينتظره فلما مرَّ الحسن ودنا مِن دابته فأخذ بلجامها، أخرج  الجراح معولاً -حديدة ينقر بها الصخر- كان معه وقال: أشركت يا حسن كما أشرك أبوك مِن قبْل، وطعنه بالمعول في أصل فخذه، فشق في فخذه شقـًّا كاد يصل إلى العظم، وهذه محاولة أخرى لاغتيال الحسن -رضي الله عنه-، وضرب الحسن وجهه، ثم اعتنقا وخرا إلى الأرض، ووثب عبد الله بن الخضل الطائي، فنزع المعول مِن يد الجراح، وأخذ ظبيان بن عمارة التميمي بأنفه فقطعه، وضرب بيده إلى قطعة آجرة فشدخ بها وجهه ورأسه حتى مات، وحُمل الحسن إلى المدائن، ثم إن سعد بن مسعود أتى الحسن بطبيب، وقام عليه حتى برئ وحوَّله إلى أبيض المدائن -يسمَّى القصر الأبيض، يقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة-.

وفي بعض الروايات: أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- خطب الناس في قصر المدائن، فقال: “يا أهل العراق، لو لم تذهل نفسي -تسلو نفسي- عنكم إلا لثلاث خصال لذهلت: مقتلِكم أبي، ومطعِنكم بغلتي، وانتهابِكم ثقلي -أو قال: ردائي عن عاتقي-، وإنكم قد بايعتموني أن تسالموا مَن سالمتُ، وتحاربوا مَن حاربت، وإني قد بايعتُ معاوية فاسمعوا له وأطيعوا، قال: ثم نزل فدخل القصر” (الطبقات لابن سعد).  

وهنا حدث اضطراب في مقدمة جيش العراق وهم شرطة الخميس، فقد أخرج الحاكم عن أبي الغريف، قال: “كنا في مقدمة الحسن بن علي اثني عشر ألفًا، تقطر أسيافنا مِن الحدة على قتال أهل الشام، وعلينا أبو العمرطة، فلما أتانا صلح الحسن بن علي ومعاوية كأنما كسرت ظهورنا مِن الحرد -الغضب- والغيظ، فلما قدِم الحسن بن علي الكوفة، قام إليه رجل منا يُكنى أبا عامر سفيان بن الليل. فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال الحسن: لا تقل ذلك يا أبا عامر، لم أذل المؤمنين، ولكني كرهتُ أن أقتلهم في طلب المُلك. فبعث الحسن بالبيعة إلى معاوية، فكتب بذلك الحسن إلى قيس بن سعد، فقام قيس بن سعد في أصحابه، فقال: يا أيها الناس، أتاكم أمران، لابد لكم مِن أحدهما: دخول في الفتنة، أو قتل مع غير إمام، فقال الناس: ما هذا؟ فقال: الحسن بن علي قد أعطى البيعة معاوية، فرجع الناس، فبايعوا معاوية”.

وقد أشار ابن كثير -رحمه الله- إلى ذلك بقوله: “وبعثَ الحسن بن علي إلى أمير المقدمة قيس بن سعد أن يسمع ويطيع؛ فأبى قيس بن سعد قبول ذلك، وخرج مِن طاعتهما جميعًا، واعتزل بمَن أطاعه، ثم راجع الأمر، فبايع معاوية” (البداية والنهاية).

وتباينت ردود الأفعال بالنسبة لأمراء علي بن طالب -رضي الله عنه- وموقفهم مِن الصلح ما بيْن القبول والاستحسان، أو الرفض ثم القبول، وهناك فريق ثالث دخل في الصلح وهو كاره له، ثم ترك الحسن -رضي الله عنه- المدائن وسار إلى الكوفة، وسار معاوية -رضي الله عنه- مِن مسكن إلى النخيلة -موضع قرب الكوفة على سمت الشام-، ثم خرج الحسن -رضي الله عنه- مِن الكوفة إلى النخيلة ليقابل معاوية -رضي الله عنه- ويسلِّم الأمر له، فعن الشعبي، قال: شهدتُ الحسن بن علي -رضي الله عنهما- بالنخيلة حين صالحه معاوية -رضي الله عنه-، فقال معاوية: إذا كان ذا فقم فتكلم، وأخبر الناس أنك قد سلمتَ هذا الأمر لي، فقام فخطب على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه.

قال الشعبي: وأنا أسمع، ثم قال: أما بعد فإن أكيس -أعقل، والكيس العقل- الكيس التقى، وإن أحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفتُ فيه أنا ومعاوية إما كان حقـًّا لي تركته لمعاوية إرادة صلاح هذه الأمة، وحقن دمائهِم، أو يكون حقًّا كان لامرئ كان أحق به مني ففعلتُ ذلك (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (الأنبياء:111)” (انظر الطبقات لابن سعد، والمستدرك للحاكم، وحلية الأولياء).

وفي رواية: “قال الحسن بن علي يوم كلم معاوية: ما بيْن جابلص وجابلق -مدينتان: إحداهما بالمشرق، والأخرى بالمغرب- رجل جده نبي غيري، وإني رأيتُ أن أصلح بيْن أمة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وكنتُ أحقهم بذاك، ألا إنا قد بايعنا معاوية، ولا أدري (لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)”.

وبتنازل الحسن بن علي -رضي الله عنهما- عن الخلافة ومبايعته لمعاوية -رضي الله عنه- تنتهي بذلك فترة خلافة النبوة، وهي ثلاثون سنة، والحجة في ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

وقد علـَّق ابن كثير -رحمه الله- على هذا الحديث، فقال: “وإنما كملتِ الثلاثون بخلافة الحسن بن علي، فإنه نزل على الخلافة لمعاوية في ربيع الأول مِن سنة إحدى وأربعين، وذلك كمال ثلاثين سنة مِن موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة مِن الهجرة، وهذا مِن أكبر دلائل النبوة”. (البداية والنهاية).

وبذلك يكون الحسن بن علي -رضي الله عنهما- خامس الخلفاء الراشدين.

وبهذا حقن الحسن دماءَ المسلمين، وقد قال الحسن -رضي الله عنه-: “خشيتُ أن يجيء يوم القيامة سبعون ألفًا، أو أكثر أو أقل، كلهم تنضح أوداجهم دمًا، كلهم يستعدي الله فيمَ هُريق دمه” (البداية والنهاية).

فالحسن بن علي -رضي الله عنه- أراد أن يحقن دماء المسلمين قربة إلى الله -عز وجل-، وخشي على نفسه مِن حساب الله يوم القيامة في أمر الدماء، ولو أدى به الأمر إلى ترك الخلافة؛ فكان ذلك دافعًا له نحو الصلح، فهو يعلم -رضي الله عنه- خطورة سفك الدماء بيْن المسلمين؛ لأن ذلك مِن أخطر الأمور التي تهز كيان البشرية، ثم حرص الحسن على وحدة الأمة بتنازله عن عرضٍ زائل مِن أعراض الدنيا حتى سُمي ذلك العام “عام الجماعة”.

وهذا يدل على فقه الحسن -رضي الله عنه- في معرفته لاعتبار المآلات، ومراعاته نتائج التصرفات، ولهذا الفقه مظاهره في كتاب الله وشواهده، وكان هذا العام سعيدًا على المسلمين؛ لاجتماع الكلمة ووحدة الصف، وللمرة الأولى منذ ست سنواتٍ يهدأ القتال، وتُجمع الأمة الإسلامية على خليفةٍ واحدٍ، وبهذا قامت الدولة الأموية وتأسست على يد معاوية -رضي الله عنه-، وتصدت الدولة الأموية للخوارج.

ثم عادت حركة الفتوحات المباركة، وتعد الفتنة التي أدت إلى استشهاد عثمان -رضي الله عنه- أكبر معوق أصاب الدعوة الإسلامية بعد حركة الردة أيام أبي بكر -رضي الله عنه-، حيث أدى استشهاد عثمان -رضي الله عنه- إلى توقف الجهاد، واتجاه سيوف المسلمين إلى بعضهم في فتنةٍ كادت تعصف بالأمة الإسلامية؛ لولا أن تداركتها رحمة الله -سبحانه وتعالى- بصلح الحسن بن علي مع معاوية -رضي الله عن الجميع-.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح بعض ألفاظ الرواية: (بكتائب) جمع كتيبة، وهي الجيش ويقال الكتيبة ما جمع بعضها إلى بعض. (أقرانها) جمع قرن، وهو الكفء والنظير في الشجاعة والحرب. (خير الرجلين) مِن كلام الحسن البصري، وقع معترضًا بيْن قوله: قال له معاوية، وبيْن قوله: أي عمرو، وأراد بالرجلين معاوية وعمرًا، وأراد بخيرهما معاوية، وقال ذلك لأن عمرًا كان أشد مِن معاوية في الخلاف مع الحسن بن علي -رضي الله عنهم أجمعين-. (بضيعتهم) أي مَن يقوم بأطفالهم وضعفائهم الذين لو تركوا بحالهم لضاعوا؛ لعدم قدرتهم على الاستقلال بالمعاش. (أصبنا مِن هذا المال) أي أيام الخلافة حصل لدينا مال كثير وصارت عادتنا الإنفاق على الأهل والحاشية، فإن تركنا هذا الأمر قطعنا عادتنا. (عاثت) قتل بعضها بعضًا فلا يكفون إلا بالمال. (فمن لي بهذا) يتكفل لي بالذي تذكرانه. (ابني) المراد ابن ابنته، ويطلق على ولد الولد أنه ابن.

(2) الجراح بن سنان الأسدى له سابقة في الشر، حيث كان مِن الذين بهتوا سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، وسعوا في عزله في الكوفة أيام خلافة عمر -رضي الله عنه-، فدعا عليهم سعد، فكان لهم مِن سوء الخاتمة نصيب (الطبري 4/ 141).

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى