د. زين العابدين كامل: شهر رمضان وهدفنا الثالث
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد ذكرنا في المقال السابق أنه يتحتم علينا جميعًا أن نضع خطة لدخول سباق شهر رمضان المبارك، وأن نحدد أهدافنا التي نريد أن نحققها ونصل إليها، وحددنا هدفنا الأول، وهو: “الوصول إلى أعلى مراتب ومقامات التقوى”، ثم كان هدفنا الثاني: “الفوز بالمغفرة”.
واليوم نذكر الهدف الثالث لنا في شهر رمضان، ألا وهو: “الفوز بالعتق مِن النيران”: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) (رواه الترمذي والنسائي، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ) (رواه أحمد وابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح).
وقد تعددت أسباب العتق مِن النيران، فمنها: التوحيد الخالص، والمحافظة على الصلاة في جماعةٍ مدة أربعين يومًا بشرط إدراك تكبيرة الإحرام.
ومنها: المحافظة على صلاتي العصر والفجر في الجماعة.
ومنها: المحافظة على أربع ركعات قبْل الظهر، وعلى أربع ركعات بعدها.
ومنها: رد الغيبة عن أخيك المسلم.
ومنها: حضور مجالس العلم والذكر.
ومنها: المحافظة على بعض الأذكار المخصوصة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ، فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ يَوْمِكَ ذَلِكَ كَتَبَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، اللَّهُمَّ أجرني مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ تِلْكَ كَتَبَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ) (رواه أحمد، وحسنه الحافظ ابن حجر).
ومَنْ قال حين يصبح أو يمسي: (مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ) (رواه أبو داود، وحسنه الحافظ ابن حجر).
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ كَانَ هَيِّنًا لَيِّنًا قَرِيبًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) (رواه الحاكم، وقال الألباني: صحيح لغيره).
قال المناوي -رحمه الله-: “ومِن ثَمَّ كان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في غاية اللين؛ فكان إذا ذكر أصحابه الدنيا ذكرها معهم، وإذا ذكروا الآخرة ذكرها معهم، وإذا ذكروا الطعام ذكره معهم” اهـ.
لذا لابد أن نتساهل ونتسامح، ونلين في المعاملة مع غيرنا؛ فهذه جملة أعمال تحقق لنا الهدف الثالث في السباق، وننجو مِن النار -بفضل الله تعالى-، قال الله -تعالى-: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185).