مقالات تاريخية

(صفحات مِن ذاكرة التاريخ) (5) الخروج على أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- “الأسباب والنتائج”

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنستكمل المآخذ التي وُجهت إلى أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه-، ونبيِّن الرد عليها.

فمِن هذه المآخذ: أنه ولـَّى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، وولى عبد الله بن عامر، وولى مروان بن الحكم، وهؤلاء مِن أقاربه.

إن شخصية معاوية -رضي الله عنه- قد نالها مِن الطعن والتشويه والافتراء والظلم الكثير، والطعن في الصحابة -رضي الله عنهم- طعن في الدين؛ لأن الدين أتانا عن طريقهم، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

وقد ذكرتْ بعض المصادر التاريخية الكثير مِن الروايات الضعيفة أو المكذوبة على معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، أما عن ولاية معاوية فقد ولاه عمر -رضي الله عنه-، وجمع له الشامات كلها، وأقرّه عثمان، بل إنما ولاه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وجعله خليفة لأخيه يزيد بن أبي سفيان على الجيش الخارج لحرب الروم في الشام، وكان معاوية -رضي الله عنه- في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكتب له الوحي، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يأتمنه على وحي السماء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “والْجَوَابُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا وَلاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، لَمَّا مَاتَ أَخُوهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَلاهُ عُمَرُ مَكَانَ أَخِيهِ. وَاسْتَمَرَّ فِي وِلايَةِ عُثْمَانَ، وَزَادَهُ عُثْمَانُ فِي الْوِلايَةِ، وَكَانَتْ سِيرَةُ مُعَاوِيَةَ مَعَ رَعِيَّتِهِ مِنْ خِيَارِ سِيَرِ الْوُلاةِ، وَكَانَتْ رَعِيَّتُهُ يُحِبُّونَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ) (رواه مسلم)، وَإِنَّمَا ظَهَرَ الإِحْدَاثُ مِنْ مُعَاوِيَةَ فِي الْفِتْنَةِ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ كَانْتِ الْفِتْنَةُ شَامِلَةً لأَكْثَرِ النَّاسِ، لَمْ يَخْتَصَّ بِهَا مُعَاوِيَةُ، بَلْ كَانَ مُعَاوِيَةُ أَطْلَبَ لِلسَّلامَةِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَأَبْعَدَ عَنِ الشَّرِّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ” (منهاج السنة).

وقد ورد الخبر بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاوية -رضي الله عنه-، فعن عبد الرحمن بن أبي عُمَيْرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاوية: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وقد ذكر ذلك عبد الرحمن بن أبي عميرة لما تولى معاوية -رضي الله عنه- أمر الناس وكانت نفوسهم لا تزال مشتعلة عليه؛ فقالوا: كيف يتولى معاوية وفي الناس مَن هو خير منه، مثل الحسن والحسين؟! فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة: لا تذكروه إلا بخير، فذكره.

وروى الطبري مرفوعًا إلى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: “ما رأيتُ أحدًا أخلق للملك مِن معاوية، إن كان ليرد الناس منه على أرجاء وادٍ رَحْب”.

ويقول ابن تيمية -رحمه الله-: “فلم يكن مِن ملوك المسلمين ملك خيرًا مِن معاوية، إذا نُسِبَتْ أيامه إلى أيام مَن بعده، أما إذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل”.  

وكانت صلاته -رضي الله عنه- أشبه بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد روي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال: “ما رأيت أشبه صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِن أميركم هذا -يعني معاوية-“.

وكان -رضي الله عنه- فقيهًا يعتد الصحابة بفقهه واجتهاده؛ فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب المناقب عن أبي مليكة قال: “أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس؛ فأتى ابن عباس فأخبره، فقال: “دعه؛ فإنه قد صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-“، وفي رواية أخرى قيل لابن عباس: “هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة”، قال: “أصاب، إنه فقيه”.

وقد كان لمعاوية -رضي الله عنه- شرف قيادة أول حملة بحرية، وهي التي شبهها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالملوك على الأَسِرَّة؛ فقد روى البخاري في صحيحه مِن طريق أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان قالتْ: نَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ، فَقُلْتُ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: (أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هَذَا البَحْرَ الأَخْضَرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ) قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: (أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ)، فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ المُسْلِمُونَ البَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ، فَنَزَلُوا الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَصَرَعَتْهَا، فَمَاتَتْ. (متفق عليه).  

قال ابن حجر -رحمه الله- معلـِّقـًا على رؤيا رسول الله -صلى الله عليه سلم-: “قوله: “نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً… يشعر بأن ضحكه كان إعجابًا بهم؛ فرحًا لما رأى لهم مِن المنزلة الرفيعة” (فتح الباري).

وعن أم حرام بنت ملحان -رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ البَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا)، قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: (أَنْتِ فِيهِمْ)، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ)، فَقُلْتُ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (لاَ) (رواه البخاري). (مَدِينَة قَيْصَرَ): أي القسطنطينية. (قَدْ أَوْجَبُوا): أي فعلوا فعلاً وجبتْ لهم به الجنة.

قال ابن حجر -رحمه لله-: “ومِن المتفق عليه بيْن المؤرخين أن غزو البحر وفتح جزيرة قبرص كان في سنة 27هـ في إمارة معاوية -رضي الله عنه- على الشام أثناء خلافة عثمان -رضي الله عنه-” (فتح الباري).

وكان معاوية -رضي الله عنه- أهلاً للإمارة والخلافة معًا، ومِن أجل هذه الأهلية ظلَّ أميرًا على الشام عشرين سنة، وخليفة للمسلمين ما يقرب مِن عشرين سنة؛ فلم يهجه أحد في دولته، بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين، ومصر، والشام، والعراق، وخراسان، وفارس، والجزيرة، واليمن، والمغرب، وغير ذلك.

وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- في “البداية والنهاية” أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال بعد رجوعه مِن صفين: “أيها الناس لا تكرهوا إمارة معاوية؛ فإنكم لو فقدتموها رأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل”.

وقد حزن معاوية -رضي الله عنه- لمقتل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حزنًا شديدًا؛ فيروى أنه عندما جاءه خبر قتله بكى بكاءً شديدًا، فقالت له امرأته: “أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس مِن الفضل والفقه والعلم!”.

وذُكِر عمر بن عبد العزيز عند الأعمش فقال: “فكيف لو أدركتم معاوية؟! قالوا: في حلمه، قال: لا والله، في عدله”.

وإليك شهادة الذهبي -رحمه الله- له حيث يقول: “وحَسْبُك بمن يؤمِّره عمر ثم عثمان على إقليم فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويُرضي الناس بسخائه وحلمه، فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفَرْط حلمه وسعة نفسه، وقوه دهائه ورأيه” اهـ.

وما أكثر الفتوحات التي تمت في عهد عثمان بن عفان على يد معاوية -رضي الله عنهما-، ثم ما أكثر الفتوحات التي كانت في خلافته، فبعد أن أستقر الأمر لمعاوية بن أبي سفيان سنة 41هـ خليفة للمسلمين باشر في تطوير الأسطول البحري ليكون قادرًا على دك معاقل القسطنطينية عاصمة الروم ومبعث العدوان والخطر الدائم ضد المسلمين، وأنشأ أول دار صناعة للأساطيل لإنتاج السفن الحربية المختلفة بمصر سنة 54هـ.

يقول محب الدين الخطيب معلـِّقـًا على أثر ابن عباس -رضي الله عنهما-: “ما رأيتُ رجلاً أخلق بالمُلك مِن معاوية”: وهل يكون الرجل أخلق الناس بالملك إلا أن يكون عادلاً حكيمًا، يحسن الدفاع عن ملكه، ويستعين بالله في نشر دعوة الله في الممالك الأخرى، ويقوم بالأمانة في الأمة التي ائتمنه الله عليها؟! والذي يكون أخلق الناس بالملك هل يُلام عثمان على توليته؟ ويا عجبًا كيف يُلام عثمان على توليته، وقد ولاه مِن قبْله عمر، وتولى لأبي بكر مِن قبْل عمر، وتولى بعض عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبْل أن تصير الخلافة إلى أبي بكر وعمر وعثمان! إن المخ الذي يَعبث به الشيطان فيسول له مثل هذه الوساوس لا شك أنه مخ فاسد، يفسد على الناس عقولهم ومنطقهم قبْل أن يفسد عليهم دينهم وتاريخهم” اهـ.

وأما توليته لعبد الله بن عامر فهو مِن بني أمية مِن جهة الأب، ومِن بني هاشم مِن جهة الأم، فأم جدته الكبرى عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن أم أبيه أروى بنت كريز أمها البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولما ولد عبد الله بن عامر بن قريظ أُتي به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لأهله: “هَذَا أَشْبَهُ بِنَا مِنْهُ بِكُمْ”، ثم تفل في فيه فازدرده، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَسْقِيًّا” (دلائل النبوة للبيهقي)، فكان -رضي الله عنه- لا يعالج أرضًا إلا ظهر منها الماء، ذكره ابن حجر العسقلاني في الإصابة.

ويُعد عبد الله بن عامر مِن أشهر الفاتحين في الإسلام، فقد فتح خراسان كلها، وأطراف فارس، وسجستان، وأعاد فتح كرمان بعد نقضها للعهد، وكان هذا الجهاد سببًا في تقويض آمال المجوس في استعادة مُلكهم، ومِن ثَمَّ يكنّون له هذا الحقد العظيم في نفوسهم، وعندما انطلق الشيعة مِن تلك الأراضي أخذوا يطعنون فيمن قوضوا ملك فارس مِن أمثال المجاهد عبد الله بن عامر بن قريظ الذي فعل هذا، ولم يكن يبلغ مِن العمر سوى خمسة وعشرين سنة.

قال ابن كثير -رحمه الله-: “هو أول مَن اتخذ الحياض بعرفة لحجاج بيت الله الحرام، وأجرى إليها الماء المعين” (البداية والنهاية).

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: “إن له مِن الحسنات، والمحبة في قلوب الناس ما لا يُنكر” (منهاج السنة).

– وأما توليته مروان بن الحكم….

فمَن هو مروان بن الحكم؟

هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلح الحديبية، والحديث في صحيح البخاري عن مروان والمسور بن مخرمة، كما روى مروان عن عمر وعثمان، وكان كاتبَه -أي كان كاتب عثمان- وروى عن علي وزيد بن ثابت، وروى عنه ابنه عبد الملك وسهل بن سعد، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير وعلي بن الحسين “زين العابدين”، ومجاهد، وغيرهم.

وكان مروان بن الحكم مِن سادات قريش وفضلائها، وقد قاتل مروان يوم الدار قتالاً شديدًا، وقَتَلَ بعض الخارجين على عثمان، وكان على الميسرة يوم الجمل، وكان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يكثر السؤال عن مروان حين انهزم الناس يوم الجمل، يَخشى عليه مِن القتل، فلما سُئِلَ عن ذلك قال: إنه يعطفني عليه رحم ماسة، وهو سيد مِن شباب قريش، وكان مروان -رضي الله عنه- قارئًا لكتاب الله، فقيهًا في دين الله، شديدًا في حدود الله، ومِن أجل ذلك ولاه معاوية المدينة غير مرة، والواقع أن مروان بن الحكم لم يُولَّ، وإنما كان عثمان -رضي الله عنه- يستشيره في كثير مِن الأمور، وكان يقربه إليه، ولم يولِّه إمارةً مِن الإمارات.

قال القاضي ابن العربي -رحمه الله-: “مروان رجل عدل مِن كبار الأمة عند الصحابة، والتابعين، وفقهاء المسلمين” (العواصم مِن القواصم).

وكان مروان جوادًا كريمًا، فقد روى المدائني عن إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد أن مروان أسلف علي بن الحسين -رضي الله عنهما- حين رجع إلى المدينة بعد مقتل الحسين -رضي الله عنه- ستة آلاف دينار، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه عبد الملك أن لا يسترجع مِن علي بن الحسين شيئًا، فبعث إليه عبد الملك بذلك فامتنع مِن قبولها، فألح عليه فقبلها، وكان الحسن والحسين يصليان خلف مروان ولا يعيدان, وكان إذا وقعت معضلة أثناء ولايته على المدينة جمع مَن عنده مِن الصحابة فاستشارهم فيها, وهو الذي جمع الصيعان فأخذ بأعدلها, فنسب إليه فقيل صاع مروان, وكان ذا شهامةٍ وشجاعةٍ، ومكرٍ ودهاء.

وبعد وفاة معاوية بن يزيد اضطرب أمر بني أمية اضطرابًا شديدًا، وكادت دولتهم أن تذهب لولا أن تداركوا أمرهم فيما بينهم، وفي هذا التوقيت أخذ عبد الله بن الزبير البيعة لنفسه في مكة، وبدأت البيعة تأتيه مِن سائر الأقاليم حتى مِن بلاد الشام ذاتها مركز ثقل الأمويين، فقد انقسم أهلها إلى فريقين: فريق مال إلى ابن الزبير، والفريق الآخر ظل على ولائه للأمويين.

وكان مروان وبنوه في المدينة عند وفاة يزيد بن معاوية، ثم رحلوا إلى الشام، فلما وصلوها وجدوا الأمر مضطربًا والانقسامات على أشدها، مما جعل مروان يفكر في العودة إلى الحجاز ومبايعة ابن الزبير، فهناك روايات تذكر أن مروان بن الحكم كان قد عزم على مبايعة ابن الزبير لولا أن تدخل عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير السكوني وغيرهما في آخر لحظة وأثنوه عن عزمه.

وفي النهاية نقول: إن عثمان -رضي الله عنه- لم يولِّ مروان كما يدَّعي الكذابون، وإنما كان عثمان -رضي الله عنه- يستشيره في كثير مِن الأمور، وكان يقربه إليه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

– البداية والنهاية لابن كثير.

– تاريخ الرسل والملوك للطبري.

– العواصم مِن القواصم لابن العربي، مع تعليقات محب الدين الخطيب.

– منهاج السُّنة لابن تيمية.

– التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان -رضي الله عنه-، لمحمد بن يحيى المالقي الأندلسي.

– موقع قصة الإسلام، راغب السرجاني، الدفاع عن عثمان -رضي الله عنه-.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى