مقالات تاريخية

بين على بن أبى طالب -رضي الله عنه- والأزهر الشريف

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد،،

كانت فتنة الخوارج وبدعتهم أول بدعة اعتقادية ظهرت فى أواخر عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، وكانت تتعلق بقضايا الإيمان..

كانت أول البدع ظهورًا، وأكثرها تأثيرًا، وأشدها ضررًا على وحدة الأمة؛ بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم.

وأحاديث الخوارج من الأحاديث المتواترة كما نص على ذلك كثير من المُحَدِّثين.

وكان اعتقاد الخوارج أن مرتكب الكبيرة كافر ومُخَلَّد فىي النار، فتساهلوا في مسألة التكفير، وقد اشتَهَر عن الخوارج استِحلال دماء المسلمين، كما وصَفَهم رسول الله بقوله: (يَقتُلون أهل الإسلام، ويَدَعون أهل الأوثان)؛ متفق عليه.

بعد الاتفاق الذى تم بين أهل الشام وأهل العراق على التحكيم، وأثناء عودة عَلِيّ -رضي الله عنه- من صِفّين إلى الكوفة انفصل الخوارج في جماعة كبيرة من جيش علي، وكَفَّروه؛ فأرسل إليهم ابن عباس لمناظرتهم؛ فرجع منهم ألفان بعد المناظرة, ثم خرج أمير المؤمنين عَلِيّ بنفسه إليهم، فكلمهم فرجعوا ودخلوا الكوفة, وقد اشترط عليهم أن لا يسفكوا دمًا, ولا يروعوا آمنًا, ولا يقطعوا سبيلًا, ونظرًا لأن الخوارج يكفِّرون من خالفهم ويستبيحون دمه وماله, فقد بدؤوا بسفك الدماء المحرمة في الإسلام..

وكان أمير المؤمنين علي يدرك أن هؤلاء القوم هم الخوارج الذين عناهم رسول الله بالمروق من الدين؛ لذلك أخذ يحث أصحابه على قتالهم, وكان يحث جيشه على البدء بهؤلاء الخوارج, فقال: أيها الناس إني سمعت رسول الله يقول: «يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن, ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيئ, ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيئ, ولا صيامكم إلى صيامهم بشيئ, يقرؤون القرآن, يحسبون أنه لهم وهو عليهم, لا تجاوز صلاتهم تراقيهم, يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية»..

وبالفعل حدث القتال بين الطرفين فى معركة النهروان عام 38 ه وانتصر عَلِيّ عليهم، وكانت النهاية أنهم -بعد أن كفروا عَلِيًّا- قرروا أن يقتلوه؛ وبالفعل قتله عبد الرحمن بن ملجم في شهر رمضان عام 40ه، وكان ذلك أثناء ذهاب أمير المؤمنين لصلاة الفجر، ضربه بالسيف المسموم على رأسه، فسالت الدماء على لحيته، ولما ضربه ابن ملجم قال: لا حكم إلا لله ليس لك يا عَلِيّ ولا لأصحابك .

وقد ظهر ذُو الْخُوَيْصِرَةِ -رأس الخوارج- في عصر النبوة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- عنه: “إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا -أي من نسله، أو يخرج من أصحابه وأتباعه الذين يقتدون به- قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ “. وقد قصد النبي بقتل عاد استئصالهم بالهلاك؛ فإن عادا لم تقتل، وإنما أُهلِكَت بالريح، واستؤصِلَت بالهلاك، وقد قال رسول الله عن الْخَوَارِجُ: “كِلَابُ النَّار”.

وهناك عدة أسئلة نطرحها اليوم على من سَلّوا سيوفهم على الأزهر الشريف ويُحَمِّلونه -كمؤسسة علمية- مسؤولية وجود بعض الأفكار المنحرفة في المجتمع:

1-      هل يتحمل عَلِيّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- مسؤولية ظهور الخوارج فى عصره؟

2-      بل هل يتحمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسؤولية ظهور رأس الخوارج في عصر النبوة؟

3-      بل هل يتحمل رسول الله مسؤولية وجود الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم في عصر النبوة؟

والإجابة: لو قلتم نعم لوقعتم في المحذور، ولو قلتم لا فلماذا تُحَمِّلون الأزهر المسؤولية؟ ما لكم كيف تحكمون! والله المستعان.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى