
بقلم/ د. زين العابدين كامل
لقد ذكرنا أن من أهم العوامل التي ساعدت على نشر الإسلام وقبوله بين الناس ، الأخلاق الحسنة والمعاملة الكريمة من قبل المسلمين لغيرهم ، والتزام المسلمين بالمعاهدات التي أبرموها مع غيرهم ، فلم ينكثوا عهدًا ولم ينقضوا معاهدة ، ولو رفع أحد من غير المسلمين شكوى إلى الوالي المسلم ، يرى كيف يكون العدل فوق الجميع ولو كان الخصم هو الوالي نفسه، وقد ظهر ذلك في مواقف كثيرة سنذكرها في موضعها بمشيئة الله تعالى ، فلقد رأى أهل البلاد المفتوحة أسمى معان العدل والسماحة والكرم في المسلمين، وعندما أزمع عبد العزيز بن مروان، والي مصر أن يأخذ الجزية ممن أسلموا من أهل الذمة ، قال له القاضي ابن حجيرة ” أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أوّل من سنّ ذلك بمصر، فوالله إنّ أهل الذمّة ليتحمّلون جزية من ترهّب منهم، فكيف تضعها على من أسلم منهم؟ فتركهم عند ذلك ، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى حيّان بن سريج، أن تضع الجزية عمّن أسلم من أهل الذمّة،([1]) فإن الله تبارك وتعالى قال:” فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” (5 سورة التوبة) ([2]) ، وقد كان الخلفاء الأمويون في غالب الأحوال يتحرجون من أخذ الأموال بدون وجه حق ،ويمنعون العمال من ذلك ، وكان معظمهم لا يُدخل في بيت المال شيئًا إلا بعد أن يقسم وجوه الناس وأجنادهم أن هذا المال ليس فيه درهم ولا دينار إلا أُخذ بحقه ، والأمثلة على ذلك كثيرة، وبطبيعة الحال كان الولاة يسيرون على نفس سياسة الخلفاء إلا من شذ منهم ، وذلك وارد في كل مكان وزمان ، فهذه السياسة العادلة أسهمت بشكل كبير في نشر الإسلام ([3]) ونعرض فيما يلي موجزًا عن أهم البلاد التي انتشر فيها الإسلام.
وللحديث بقية بمشيئة الله تعالى.