مقالات تاريخية

غزة في ذاكرة التاريخ (13)

مدينة غزة في العصر العثماني

بقلم/ د. زين العابدين كامل سيد

بعد استقرار الأوضاع في مصر للسلطان سليم عزم على الرجوع إلى القسطنطينية، فغادر القاهرة في ربيع الأول عام ( 923هـ)، ونزل أثناء عودته مدينة غزة فمكث بها أيامًا، وعندها رأى ما تشكله مدينة غزة من أهمية تجارية واقتصادية، وعسكرية، فأمَّر عليها الأمير جان بردي الغزالي، وجعل تحت يديه من غزة إلى الشام، يولي من يختار ويعزل من يختار.

ولم تلق غزة الاهتمام المأمول بعد وفاة سليم، حيث تولى السلطان سليمان القانوني بعد وفاة أبيه، وقد انشغل سليمان القانوني بالفتوحات والحروب.

وفي عام ( 931هـ)، تولى الحكم في غزة آل رضوان، ولما تولى أحد أبناء آل رضوان الحكم في غزة وهو الأمير حسين باشا بن حسن باشا بن أحمد باشا، أحب غزة جدًا واتخذها عاصمة لفلسطين.

وفي عصر آل رضوان ازدهرت غزة من الناحية العمرانية، فبنيب مِئذنة الجامع الكبير، وبعض المآذن بحي الشجاعية، وعدد كبير من المنازل والأبنية، وتم بناء جامع القلعة.

وهكذا استعادت غزة في عصر الأتراك بعض ما فقدته من المكانة في عصر المماليك، لاسيما زمن حكم آل رضوان.

وآل رضوان (بالتركية Rizvan)‏ وكانت من أبرز عائلات الباشا في فلسطين، حيث كانت هذه السلالة متمركزة في غزة، وحكمت لأكثر من قرن.

ولكن لا تزال ديار الإسلام تُبتلى،  فتارة تبتلى من قبل أعدائها المستعمرين لها، وتارة من بعض ملوكها وحكامها وأمرائها، وتارة أخرى من بعض أبنائها الفاسدين والمنافقين.

ففي عصر تبعية غزة إلى الدولة المملوكية، ابتليت مدينة غزة ببعض الأفعال الهمجية، ففي عام ( 680هـ)،  تعرضت مدينة غزة لهجوم من عرب البوادي، فنهبوا المدينة وقتلوا منها خلقًا كثيرًا، فخرج إليهم جيش من الشام وآخر من مصر، وأدبهم، ولكن عرب البدو وقعت منهم بعض الاعتدءات على مدينة نابلس والخليل، وعاشت بعض المدن حالة من الفوضى.

وفي عام ( 877هـ)، وقع قتال بين الدارية([1]) والأكراد بمدينة الخليل، وحدث نهب للمدينة خلال تلك الفتنة.

ووقعت مثل تلك الأحداث في العصر العثماني، ففي عام ( 1170هـ)، تكرر القتال واشتد الطغيان، بل وانتشر الطاعون ووقعت الزلازل، ولا شك أن مدينة غزة قد تأثرت بتلك الأحداث حيث هرب إليها البعض.

وفي عام ( 1183هـ)، ثار أهل غزة والرملة ويافا، على الوالي عثمان باشا حيث طلب منهم كثيرًا من الأموال، بل وعزم على امتلاك العرب من العريش إلى بغداد، وأثناء تلك الثورة قُتل عدد من أهل غزة، وقتل عثمان باشا بعض العلماء من أهل غزة.

ثم في عام ( 1200هـ)، تغلب جماعة من الغزاة عرفوا بالخوارج الصيادية، على مدن غزة ويافا والرملة، وخرجوا عن طاعة السلطان، واستقلوا بها لمدة أربع سنوات.

وهكذا كلما تخلصت البلاد من كارثة؛ وقعت في أخرى.

حتى جاء عام ( 1213هـ/ 1798م)، ويأتي نابليون وينزل مدينة غزة.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

 

 ([1]) الدارية قيل هي: طائفة تعود في نسبتها إلى تميم الداري الصحابي الجليل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى