مقالات تاريخية

غزة في ذاكرة التاريخ (11) غزة في عصر المماليك

غزة في عصر المماليك

بقلم/ د. زين العابدين كامل سيد

تحدثنا في المقال الماضي عن تاريخ مدينة غزة في عصر السلطان الملك المنصور قلاوون – أحد أشهر سلاطين المماليك.

وفي هذا المقال نعطي صورة مختصرة عن الحالة العامة لمدينة غزة في عصر دولة المماليك.

لما مات محمد بن الملك المنصور قلاوون، عام 741هـ، تولى الملك بعده ثمانية من أولاده، ثم قامت الفتن وكثرت والصراعات بين المماليك، في مصر والشام، فخلع بعضهم بعضًا وقتل بعضهم بعضًا، وقد كانت مدينة غزة في كثير من الأحيان هي الضحية خلال تلك الصراعات، حيث وقعت بعض الصراعات على أرضها.

ومن باب الإنصاف نقول: إن عهد المماليك عهد طافح بالمتناقضات، فيه عز وفيه ذل، وفيه ازدها وعظمة ومجد، وفيه سقوط وانهيار، فهم الذين انتصروا في كثير من المعارك على الأعداء كالتتار وغيرهم.

وكانت مدينة غزة في بعض فترات دولة المماليك، يقيم بها نائب السلطان، وكثيرًا ما زارها السلاطين أنفسهم، بل لقد جاء على مدينة غزة وقت، كانت مدينة القدس وبعض المدن الفلسطينية تابعة لمدينة غزة من الناحية الإدارية.

ثم إن غزة كانت هي محط الرحال للجيوش في العصر المملوكي، سواء القادمة من مصر إلى الشام والعكس، وكانت محطة التموين التي يتزود منها المسافرون، سواء كانوا أمراء أو عساكر.

وكانت غزة أيضًا في العصر المملوكي هي مركز البريد، ونقطة التواصل، وكان فيها أبراج للحمام الزاجل لتوزيع البريد، حيث كان الحمام الزاجل يحمل رسائل الملوك والسلاطين والأمراء.

وكنت تلك الرسائل تأتي من مصر إلى غزة عن طريق رفح، ودير البلح، ثم توزع من مدينة غزة إلى المدن الأخرى في فلسطين والشام.

وكان رجل البريد في ذلك العهد يحمل على صدره لوحًا من الفضة، قد نقش على أحد وجهيه اسم السلطان الذي يجري البريد في عصره، وعلى الوجه الآخر (لا إله إلا الله محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).

وكانت غزة تستقل بنفسها أحيانًا من الناحية الإدارية، وأحيانًا أخرى تكون تابعة لنائب السلطان على دمشق.

وهكذا كانت مدينة غزة في عصر المماليك، تشكل أهمية سياسية كبيرة، وتلعب دورًا بارزًا على جميع المستويات.

ثم ننتقل بمدينة غزة إلى عصر جديد، وهو عصر الأتراك، أو عصر الدولة العثمانية.

ففي عام 922هـ، وقعت عدة معارك على أرض غزة بين السلطان سليم العثماني، وبين قنصوه الغوري وطومان باي، وهما من سلاطين المماليك، وقد انتصر الجيش العثماني وسيطر على مدينة غزة.

ونستكمل في الحلقة القادمة بمشيئة الله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى