مقالات تاريخية

حصار عكا ٥٨٧هـ | حرب ‫غـزة‬ ١٤٤٧هـ هل هناك أوجُهُ شبَهٍ بين الحدثين؟

حصار عكا ٥٨٧هـ | حرب ‫غـزة‬ ١٤٤٧هـ هل هناك أوجُهُ شبَهٍ بين الحدثين؟

من التوافق العجيب المدخل على نفسي الأنس والاستبشار أنني قرأت في هذين اليومين الفائتين عن حصار عكا، من هذا الكتاب الرائع (صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس)، تأليف ستانلي لين بول، وترجمة الصديق د. علاء مصري النهر ، فوافق قراءتي الإعلانُ عن وقف إطلاق النار في غـ زة، فشعرت بتشابهٍ بين الحدَثين في كثير من جوانبهما، كان ذلك الحصار بعد عامين من فتح بيت المقدس، التي فُتحت عام ٥٨٣هـ، وكان القائد المظفّر صلاح الدين -رحمه الله- مشغولاً باستكمال تحرير المدن من أيدي الصليبيين، فاستغل الصليبيون ذلك وجمعوا فلولهم المنهزمة وبدؤوا حصار عكا عام ٥٨٥هـ واستمر الحصار والقصف قرابة سنتين، حتى عام ٥٨٧هـ، إذ تأَلّبَ عليهم الكفار الصليبيون من كل مكان، وضاق الخِناقُ أكثر على المسلمين بحضور مددٍ عظيم من الصليبيين بقيادة ملك فرنسا: فيليب، وملك إنجلترا الداهية ريتشارد قلب الأسد، وكان ثباتُ المسلمين فيها عجيباً بشهادة الغزاة الصليبيين أنفسهم.. وحاول صلاح الدين كسرَ الحصار من خلف صفوف القوات الصليبية المحاصِرة للمدينة، فاستبسلَ هو وجنوده أيما استبسال، لكن قضى الله أن تستسلم المدينة تحت ضغط الحصار والقصف، دون إذن السلطان صلاح الدين، فاستُبيحت المدينة بشروط مُذلّة، إلا أن عزة المسلم لا تفارقه مهما كان حجم الخسائر وفداحتها.. كما نرى الآن وجوه أهل غـزة تفيض بِشراً وكرامةً رغم كل ما حصل لهم من الأحداث الهائلة..

فإليك هذا النص الذي نقله المؤلف عن كتاب (صليبية رتشارد)، يصف فيه جموعَ المسلمين – وهم الذين يسميهم هذا الكاتب الصليبي “الترك” كما يسميهم كثير من المؤرخين الغربيين، وإن كانوا من العرب ومن غيرهم من أعراق المسلمين – يقول هذا الكاتب الصليبي:
” في ذلك اليوم وعندما بدأ هؤلاء الترك المشهورون بالبسالة العجيبة والبراعة في القتال يتنقلون فوق الأسوار قبل مُغادَرَتهم فى أبهى زينة، كان رجالنا يُحدقون فيهم بفضول مُفرط. ودهشوا لرؤية مظاهر البِشر على وُجُوه الرجال الذين كانوا يخرجون من مدينتهم وهم أقرب إلى الإفلاس، وأرغمتهم الضرورة القصوى على التضرع لطلب العون، لم تظهر عليهم أدنى إشارات الأسى لفقدانهم كُلّ ما ملكوه، وبدوا بتماسكهم وجلدهم الذي ظهر على محياهم أنهم هم المنتصرون..”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى